للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوفيق بين الانشغال بالنفس والدعوة إلى الله]

السؤال

أحب العمل لله تبارك وتعالى، ولكن يغلب علي الانشغال بالاهتمام بنفسي، فكيف أوفّق بين العمل للناس ودعوتهم والاهتمام بنفسي ورفع مستواي من طلب العلم وغيره؟

الجواب

هذا السؤال يرد كثيراً، ولكن لماذا نفترض أن هناك مشكلة؟ ونفترض أن الاهتمام بالنفس وتعلم العلم يعني أن لا أدعو، وأن الدعوة تعني ألا أتعلم ولا أهتم بنفسي، مع أني أستطيع أن أعمل الأمرين كليهما.

يعني دعني مثلاً أضرب لك مثالاً: كل واحد منا لا بد أن يعيش في مجتمع شاء أم أبى، سواء في ذلك الطالب، والمدرس، والموظف، والتاجر وغيرهم، ولابد أن يتعامل مع المجتمع، وهذه قضية لا ينفك عنها أحد، فهل فكرت أن تترك الدراسة حتى تتفرغ للعلم، أو فكرت أن تترك الوظيفة حتى تتفرغ للعلم، أو فكّرت أن تترك التجارة، أو تترك أي عمل.

نحن نريد منك أن تسيطر عليك الدعوة وأنت في ميدانك في دراستك، في تدريسك، في عملك، في اختلاطك مع الناس أن تقوم بالدعوة فتقول كلمة هنا وكلمة هناك وتنصح فلاناً، والإنسان الداعية يشعر أن الدعوة قضية لا تفارقه في كل ميدان من الميادين، هذه أول قضية.

قضية ثانية: هناك قدر مطلوب من الاهتمام بتربية النفس وتعلم العلم، لكن إلى متى؟ أعني هل تتصور أنه سيأتيك وقت تشعر أنك انتهيت؟ لا يمكن، فكلما تعلمت تشعر أنك بحاجة إلى مزيد من العلم والتعلم، أنا مثلاً عندما أتيت وقلت لك هذه الكلمة ووجهت أنت السؤال، أنا أجزم أني لو جلست في البيت أقرأ أو أتعلم سأستفيد، وأجزم أن مجيئي كان على حساب نوع الاهتمام بنفسي في أي جانب من الجوانب، لكن لما قارنت اقتنعت أنه ينبغي أن آتي، ولو فكّر الناس هذا التفكير لما عمل أحد ولا دعا، وكل إنسان سيقف.

وليس هذا دعوة إلى إهمال النفس، لكن عندنا أوقات كثيرة، فأنت الآن في إجازة وعندك أوقات كثيرة تستطيع أن تقرأ فيها وتتعلم وتحضر دروس أهل العلم، وتستطيع أن تنشغل ببرامج دعوية، وتجمع بين كل هذه الأمور، والوقت في سعة إذا نظم الإنسان وقته وصار جاداً.

ونحن الآن نجد ونرى من الناس من يحفظ القرآن وهو يدعو إلى الله عز وجل، ومن يتعلم العلم ويصل إلى مراتب عالية وهو قد قطع خطوات وله أدوار كبيرة.