للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحاجة إلى التربية]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أرسله الله منقذاً للبشرية من الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، ومعلماً ومربياً للبشرية ومزكياً لها، وما عرفت البشرية معلماً أحسن تعليماً ولا تأديباً ولا تربية منه صلى الله عليه وسلم.

أما بعد: أيها الإخوة! إن الحديث عن التربية حديث ملح، ومطلب له أهميته، ذلك أننا نشهد -ولله الحمد- في عالمنا الإسلامي صحوة إسلامية طيبة مباركة، هذه الصحوة التي تنوعت مظاهرها ومجالاتها، وعمت العالم بأسره، لا العالم الإسلامي وحده، إنها صحوة تعلن لكل متأمل وناظر لها أن الإسلام قادم؛ ليحكم حياة الناس، وأن الإسلام قادم ليتبوأ المكانة التي اختار الله سبحانه وتعالى هذه الأمة لها.

وإننا ينبغي أن نقف وقفات طويلة مع أنفسنا، وأن نتمعن في مسيرة هذه الصحوة، وأن نراجع الحسابات بين الفينة والأخرى.

إن العاطفة وحدها لا يمكن أن تكون مقياساً لمسيرتنا، ولا يمكن أن تكون قائداً لدعوتنا، إنها إذا لم تربط بالمنهج، والعلم الشرعي، والتربية، والاستقامة، قد تقودنا إلى مهالك.

ومن هنا كان لزاماً علينا أن نتحدث عن التربية التي نحتاج إليها جميعاً، نحتاج إليها لأنفسنا، سواء كنا شباباً أو شيباً، رجالاً أو نساءً، يحتاج إليها المربي ليربي من ولاه الله أمانته ومسئوليته، أخاً كان أو تلميذاً أو ابناً، أو حتى هذا المجتمع العريض، إنه يتلقى تربيته من قادة هذا المجتمع خطيباً، أو متحدثاً، أو كاتباً، أو محاضراً.

وعناصر هذه المحاضرة هي: مقدمة لا بد منها.

ماذا نعني بالتربية؟ من يمارس التربية؟ سؤال يفرض نفسه.

مسوغات مطالبتنا بالتربية.

لم يكن أسلافنا بمعزل.

نريد باختصار.

مقدمة بين يدي هذا الموضوع: إنني حين أتحدث عن التربية هنا لست أتحدث حديث مختص، فلست أتحدث عن تلك التربية التي أصبحت علماً خاصاً له أصوله ونظرياته، وله قواعده ومنهجه في البحث، إنما نعني بالتربية هنا أن يسلك المرء بنفسه المنهج الشرعي، ويربيها على أوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى أخلاقيات هذا الدين.

وما أطرحه هنا أيضاً ليس نظرية تربوية متكاملة، وليس حديثاً عن أبعاد التربية، وأهدافها، ومجالاتها، وجوانبها، إنني أريد أن أصل إلى نتيجة واحدة باختصار هي: أن يخرج السامع وهو على قناعة بأننا بحاجة إلى التربية.

هذا ما أريد أن أتحدث عنه، ومن هنا فليس هذا وقت الحديث عن أهداف التربية، أو جوانبها، ومجالاتها، والأخطاء التربوية إلى غير ذلك، غاية ما نريد أن نصل إليه أن نقنع أنفسنا أننا بحاجة إلى التربية.