[الثقافة والتعليم]
خامساً: الثقافة والتعليم: لم تعد الفتاة اليوم هي ابنة القرية التي لا تقرأ ولا تكتب، فقد تعلمت وخاضت ميادين الحياة العلمية فحازت أعلى الشهادات والدرجات، وحين عاشت فتاة الإسلام داخل أروقة الجامعة، ورأت ما فيها من اختلاط وسفور، ورأت في المقابل أن الستر والحياء ارتبط بجدتها وأمها شعرت حينها أن الفتاة المتعلمة لا ينبغي لها أن تلبس هذا اللباس الذي لا يليق إلا بالقروية الجاهلة.
ما العلاقة بين التعليم والسفور؟ هل التعليم يدعو إلى الفضيلة والعفة أم يدعو إلى التهتك والسفور؟ هذه كاتبة من إحدى بلاد المسلمين سخرت نفسها للنضال فيما تسميه معركة تحرير المرأة، الدكتورة نوال السعداوي ألفت كتاباً عنوانه: الله مات في النيل.
تعالى الله عما تقول! وأين طبع؟ طبع في تل أبيب، ومما قالته هذه الكاتبة: إن فكرة الحجاب نشأت في التاريخ البدائي القديم لأسباب صحية وقائية، ثم اكتسبت على يد اليهود صفة دينية، لم يكن بوسع النساء في المجتمع الصحراوي الشحيح بالماء أن يجدن وسائل النظافة الكافية، خاصة في فترات الطمث والولادة؛ ولهذا تقرر عزل المرأة فيما يشبه الحجر الصحي خلال أيام الولادة والطمث، لكن فكرة عزل المرأة اتخذت شكلاً دينياً وتطورت من عزل المرأة إلى فرض الحجاب عليها، واتخذ هذا الحجاب شكل تغطية رأس المرأة، مع أن الرأس ليس عورة وليس عضواً جنسياً! وتقول: أنا أرى أن الفتاة التي تتغطى مثل الفتاة التي تتعرى، ومثل الفتاة في أوروبا وأمريكا التي ترتدي الميني جيب.
التعرية والتغطية واحدة، لماذا؟ لأنها تقول: أن المرأة جسد، وتقول: فالوجه هو الإنسان ومن تغطي وجهها ليست بإنسانة.
ردت عليها الكاتبة سهيلة زين العابدين حماد رئيسة ومنشئة مدارس تحفيظ القرآن الكريم في المدينة النبوية، وعضو رابطة الأدب الإسلامي وعضو اتحاد المؤرخين العرب، فقالت لها: بأي حق تلغي إنسانية المرأة التي تغطي وجهها، إن محدثتك تغطي وجهها؛ لأنها إنسانة كرمها الله بأن شاء لها أن تولد وتعيش وتتعلم في مهبط الوحي ودار الهجرة، وتنتمي إلى هذا المجتمع المسلم الذي يحترم إنسانية المرأة ويصونها فحجب وجهها عن أعين الرجال ولكنه لم يحجب عقلها ويقيد فكرها، إذ فتح لها أبواب العلم والمعرفة على مصراعيها، ونالت منها ما أهلها بأن تكون رئيسة لمدارس تحفيظ القرآن الكريم في المدينة المنورة، وعضواً في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضواً في اتحاد المؤرخين العرب، ودرست مؤلفاتها في الجامعات، وتعتمد بحوثها في أطروحات الماجستير والدكتوراه، وتوزع مؤلفاتها في الوطن العربي، وتنشر مقالاتها وبحوثها في مختلف الصحف والمجلات، ومع ذلك لم يرها أجنبي قط، وهاهي تقف أمامك لترد على أقاويلك، وتحاجك بالعلم الذي تتمنطقين به، وتتجرئين على خالقك باسمه.
وتمضي قائلة: وإن كان مرجعك مؤلفات فرويد وماركس اليهودي وإنجلز وجان بول سارتر وكنزي وفاسترز وجونسون وكاري هوم لي وسيرتي وغيرهم من أصحاب مدرسة التحليل النفسي الفرويدي؛ فإن المرجع الأول لمحدثتك هو كتاب الله ثم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن كان أساتذتك فرويد وماركس فإن المعلم الأول لمحدثك هو محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخلفاء الراشدون، ثم بقية الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، فلتكن المواجهة إذاً بين ابنة الحجاب التي تغطي وجهها وتؤمن بتشريع خالقها وبين ابنة السفور التي تتجرأ على خالقها وتعترض على تشريعاته وتقول: إنها لا تصلح للعصر.
إن كاتبة هذه المقالة ليست قروية جاهلة، بل هي متعلمة من أرقى الكاتبات والمتعلمات، ومع ذلك لم يكن هذا التعليم والترقي عائقاً لها عن ارتداء الحجاب.
دخلت فتاة في أمريكا في أحد الأسواق، وإذا بها ترى امرأة متحجبة حجاباً كاملاً فأرادت أن تسخر منها وتزدري تمسكها بالحجاب في بلاد الحرية، فماذا فعلت؟ قالت هذه الفتاة بلهجة متهكمة: حجاب هاهنا! دعينا من هذا التخلف.
فالتفتت إليها هذه المرأة المتحجبة ولم ترد عليها، فكررت هذه الفتاة سخريتها ولم تجبها تلك بشيء إلا أنها قالت باللغة الإنجليزية: عفواً لا أعرف اللغة التي تتكلمين بها! أنا أمريكية، فضحكت هذه الفتاة وعجبت من لبسها الحجاب، فقالت تلك المرأة الأمريكية المسلمة بلهجة واثقة: اسمعي أنا أمريكية عشت العري والخلاعة أصالة، وأنا أعرف تماماً ماذا جلب لنا هذا العري من بلاء، ولكن أحمد الله أن هداني للإسلام، وشرع لي الحجاب، لقد صار لأجسادنا وذواتنا قيمة بعد أن كنا ألعوبة للغادين والرائحين، افهمي يا مسكينة هذا الكلام جيداً وانتبهي لنفسك ولا تكوني صورة سيئة عن مسلمات العرب، وانهالت عليها بالنصائح حتى ذهلت تلك الفتاة المتبرجة وبدأت تبكي وكانت صدمة لها لم تنسها لأيام.
قال قريبون منها: فلبثت أسبوعاً لا تخرج من دارها ثم رأيناها تخرج م