للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[منزلة الجهاد]

السؤال

هل الجهاد في الوقت الحالي أصبح ظاهرة اجتماعية قد تكون شبه انتقامية، ولذلك أنكرت في المجتمعات الإسلامية؟

الجواب

الجهاد فريضة إسلامية، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، والله عز وجل أخبر أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، ولو قرأنا في القرآن الكريم الآيات التي تتحدث عن الجهاد ومنزلته لعلمنا عظم منزلة هذه الشعيرة العظيمة، بل النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة)، وقال: (الجهاد ماض إلى اليوم القيامة)، ولا شك أن الأمة إنما أصيبت بما أصيبت به لما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم)، ولا شك أن جزءاً مما أصاب الأمة من هوان وضعف وذلة هو بتركها هذه الفريضة العظيمة، ونحن نستبشر الآن بما نراه من مواطن الجهاد في فلسطين في أفغانستان في الشيشان في أندونيسيا في غيرها من المواطن التي رفع فيها إخواننا راية الجهاد، وأؤكد على ما قاله أخونا الفاضل، أنه من حقهم علينا أن ندعو لهم، أن نتبرع لهم، أن نعرف بقضيتهم، أن نقف معهم ولو بمشاعرنا إذا عجزنا أن نشاركهم في أبداننا، فلا أقل من أن نشاركهم بأموالنا، بدعائنا، بنصرتنا لهم، نعم قد يوجد بعض الشباب ممن يتصرف تصرفات تفسد أكثر مما تصلح، كما يحصل في بعض المجتمعات الإسلامية، يعني: بعض الشباب يرى واقعاً لا يصبر عليه، فيجر مجتمعات المسلمين إلى أعمال دافعه إليها خير ودافعه في ذلك الجهاد، لكن هذه الأعمال مفاسدها قد تكون أكثر من مصالحها، وتؤدي إلى مفاسد أكثر، والجهاد إنما شرع لإقامة دين الله عز وجل، وقد يكون بعضها إعاقة لإقامة دين الله، وقد يكون سبباً لتسلط المفسدين والأعداء على أهل الخير والصلاح، فينبغي أن ينظر في ذلك إلى المصلحة الشرعية والمفسدة، فالجهاد لم يشرع لمجرد أن يقاتل المسلمون الكفار، إنما شرع لإقامة دين الله عز وجل، فإذا كان في هذا إقامة لدين الله عز وجل ونصرة لدين الله فنعم، أما إذا كان فيه مفاسد أكثر من مصالحه؛ فالأولى أن تجنب بلاد المسلمين ومجتمعاتهم مثل هذه الفتن وهذه الأوضاع، أما القتال الواضح اليوم بين مسلمين وكفار -كما يحصل في فلسطين، أو يحصل في الشيشان أو أفغانستان أو غيرها من البلاد- فهذا لا شك أنه حق مهما قال عنه الأعداء: إنه إرهاب وعدوان، هذا حق، ومعظم المسلمين لا تجدهم يختلفون على مثل هذا النوع من العمل، فواجبنا أن نقف معه وندعمه، وإذا أخطأ أحد في تصرفاته لا ينبغي -كما قلت- أن نشكل موقفاً نحن من مثل هذا العمل، بل ينبغي أن نقف موقفاً معتدلاً ومتوازناً.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.