للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خوف الفشل]

عائق ثان: خوف الفشل.

وهذه مشكلة خاصة في بداية الطريق عند أولئك الذين لا يعملون، هناك فئة من الناس يجيد أن يتصور الفشل، يا أخي أنت إذا أردت أن تعمل فلماذا تنظر نظرة سلبية؟ إذا كنت تريد أن تعمل فإن أمامك احتمالين: احتمال أن تنجح، واحتمال أن تفشل فلماذا تغلب احتمال أن تفشل؟ لماذا لا تفترض أنك ستنجح في العمل؟ والإنسان الذي يتصور الفشل في أي مشروع وأي عمل لا يمكن أن يعمل، وأعطيك نماذج من حياتك التي مرت عليك، فمثلاً: جميع الشباب الذي أمامي يدرسون وكثير منهم قد تجاوز المرحلة الثانوية، وعدد من الإخوان تجاوز المرحلة الجامعية، وربما يدرس دراسات ما بعد المرحلة الجامعية، كل واحد منكم وهو يسجّل في المرحلة الثانوية، أو وهو يدرس عنده احتمال واحتمال قوي أن يفشل، فلماذا لم يسيطر عليك هذا الاحتمال؟ ولم تتردد إطلاقاً في الدخول في هذا الميدان مثلاً حتى لا تفشل؟ وعندما تدخل الامتحان في أي مادة من المواد الصعبة يكون عندك احتمال كبير أن تفشل، فهل تغيب شخص يوماً من الأيام عن الامتحان، والسبب أنه خائف أن يفشل، وربما بعض الطلاب عنده احتمال النجاح بنسبة (١%)، يقول: يا أخي أنت ويش خسران، ادخل الامتحان ويمكن تفشل لكن افرض أنك فشلت فلا يضرك شيئاً، كثير من الطلاب قبل الامتحان يتخوفون كثيراً، ونسبة منهم عندما يرى الأسئلة يبدأ مؤشر النجاح يزيد عنده ومؤشر الفشل ينخفض، والبعض بالعكس، لكن ستجد نسبة كبيرة من هؤلاء عنده احتمال أن يفشل فعلاً، وبعد أن يطّلع على الأسئلة عنده احتمال فشل، وقبل النتيجة وهم في انتظار النتائج لا يزال عنده احتمال الفشل، والطلاب المتفوقون هم أكثر الناس خوفاً من الفشل؛ لأنه إذا كان الفشل بمقياسك هو الرسوب! فهو إذا حصل في هذه المادة على أقل من تقدير ممتاز فإنه يعتبر هذا فشلاً بالنسبة له، وهو من أكثر الناس هواجس، أنت ربما تعودت أن تأخذ بعض المواد في الدور الثاني أو تحملها معك إذا كنت في مرحلة جامعية وصارت القضية عندك سهلة، لكن هذا الطالب المتفوق من أكثر الناس خوفاً من الفشل المقصود أن هذه الآن تجربة مرت علينا جميعاً ولم تكن عائقاً لنا عن هذا العمل، مع أنه ربما يصل عندنا نسبة احتمال الفشل إلى نسبة كبيرة، ومر معنا مواقف في حياتنا الدراسية كنا نخاف فيها من الفشل ونجحنا واستطعنا أن نتجاوز هذه العقبة، وخذ كل الناس الذي يعملون في الحياة، أحياناً يأتي إعلان عن وظيفة، يقول لك: ليس عندنا إلا فرصة واحدة من خمسين واحد، أو مائة واحد، أو ثلاثمائة واحد! وما عنده مشكلة، فيتقدم ويدخل مقابلة شخصية ويقدم مؤهلاته ولو كان يشعر أن في هؤلاء كثيراً ممن يتفوقون عليه بالمؤهلات، لكن قدم واعمل ولن تخسر شيئاً.

وفي سنة من السنوات في مرحلة من المراحل كانت الفرص قليلة عندنا، وكنت أقول لكل طالب يأتي في المقابلة: إن نسبة قبولك واحد إلى عشرة، يعني: من كل عشرة متقدمين سوف نقبل واحداً، فيجب أن تضع هذا في ذهنك، ويدخل المقابلة وهو بهذا الشعور مع أنه يعرف كل شيء، أنت الآن معدلاتك أقل من معدلات غيرك، مؤهلاتك قدراتك؟ يقول لك: أنا أدخل مقابلة ولن أخسر شيئاً، يا أخي أنا مستغرب صراحة من الروح التي عند هؤلاء، فكل واحد من هؤلاء يدخل وهو يعرف أنه لن يُقبل إلا بنسبة عشرة بالمائة! ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه سينحسر الفرات على جبل من ذهب سيقتتل الناس عليه وما يبقى إلا واحد، وكل واحد يقول: يمكن أن أكون أنا الواحد.

على كل حال أنا لو ضربت لكم أمثلة من حياتكم اليومية لطال بنا الوقت، لكن أظن أن الأمثلة التي ضربتها كافية، وكل واحد منا مرت عليه مواقف ولم يكن يوم من الأيام هاجس خوف الفشل عائقاً عن هذا العمل، خذ الناجحين في أي ميدان من الميادين في الحياة، مثلاً رجل تاجر، هل تتصور أن التجارة عامل مربح مائة بالمائة؟ لا يا أخي، هو عرضة لأن يفشل، ويمكن أن يفلس، وعرضة أن يدخل السجن لأجل مشكلة مالية، وقد يدخل صفقة كبيرة ممكن أن ينجح فيها ويحصل على أرباح طائلة وممكن أن يخسر فيها كل ما أنفق، ومع ذلك لا يعيقه هذا الاحتمال عن الدخول في الصفقة.

خذ أي إنسان ناجح في الحياة، فالكاتب قد يكتب كتاباً ويفشل، متحدث، خطيب، شاعر، أي شخصية تعجبك ضعها في ذهنك، واعلم أنها كانت عرضة للفشل، ولو كان يفكر بالعقلية التي تفكر بها لما أقدم على هذا العمل أبداً إذاً يا أخي هذه طبيعة الحياة كلها، والفشل احتمال لكل من يعمل، فلماذا يسيطر علينا وحدنا هاجس الفشل، بينما أصحاب المطامع الدنيوية ليس عندهم مشكلة، ولا يخافون الفشل، حتى المجرمين واللصوص عنده احتمال فشل بنسبة عالية، ومع ذلك لا يعوقهم هذا الأمر عن مواصلة مسيرتهم.

هذا مع أن قضية الفشل غير واردة عندنا أعني في الأمور الدعوية، افترض أنك قمت بأي عمل دعوي كأن تلقي موعظة، فأكبر مصيبة يمكن أن تحل عليك هي أن تقوم أمام الناس ثم يُغمى عليك، فافترض أن هذا قد حصل، فهل تعتبر هذا فشلاً؟ لا، ليس هو بفشل.

ويمكن أن تتكلم وتتلعثم وتخطئ لكنك ستقول شيئاً