للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عموم نصوص التكليف الدعوي]

معشر الإخوة الكرام! إن النصوص في كتاب الله سبحانه وتعالى تأمر الناس أن ينصروا الله عز وجل، وأن ينصروا دين الله سبحانه وتعالى، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وأن يدعوا إلى الخير، كقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:١٠٤]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:٧]، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:٥٤].

فمن المخاطب بهذه النصوص المتظافرة في كتاب الله سبحانه وتعالى، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟! ويقول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) فقوله: (منكم) يعني: أياً كنتم رجالاً ونساء، وشيباً وشباناً، وعلماء ومتعلمين وعامة، يقول: (من رأى منكم) فكل من يعتقد أنه مخاطب بكلام الله عز وجل، وكل من يعتقد أنه مخاطب بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو داخل تحت هذه النصوص، فهو إما أن يختار ألا يكون منا، وهو خيار صعب لا يرضاه المسلم، وإما أن يختار الخيار الآخر: أنه مخاطب بهذه النصوص وهذا التكاليف الشرعية، ومحمل بهذه الأمانة العظيمة.

بل إن الله سبحانه وتعالى يصف هذه الأمة وصفاً عاماً جامعاً لهذه الأمة فيقول تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠].

ألستم من أمة الإسلام؟! مَنْ مِنَ المسلمين لا يرضى أن ينتسب لهذه الأمة؟! بل مَنْ مِنَ المسلمين يرضى أن يناقش انتماؤه لهذه الأمة خير أمة أخرجت للناس؟! فما هي وظيفة هذه الأمة؟! وما هي مهمة هذه الأمة؟! إنها في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

إذاً: من الذي يحمل هذا الدين؟! ومن الذي يحمل هذه الأمانة؟! أهي طائفة خاصة من هذه الأمة؟! أهو خطاب للنخبة؟! أم هو خطاب للأمة ولكل من يعقل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، رجلاً كان أو امرأة، شاباً كان أم شيخاً، أياً كان موقعه في سلم الأمانة والمسئولية الدنيوية في هذه الدنيا، وأياً كان موقعه الاجتماعي بين الناس، وأياً كان علمه وتحصيله؟ فهو ما دام يرى أنه من هذه الأمة فهو مخاطب بهذه الصفة، فالأمة كلها إنما اكتسبت هذه الخيرية؛ لأنها تقوم بدين الله سبحانه وتعالى، ولأنها تأمر بالمعروف، والمعروف اسم جامع يشمل كل ما أمر الله سبحانه وتعالى به عز وجل من اعتقاد أو عمل أو سلوك أو خلق، ولئن كان هذا المعروف يغضب فئة من الناس فهذا لا يخرجه عن كونه معروفاً، فالأمة كلها إنما اكتسبت هذه الخيرية؛ لأنها تأمر بهذا المعروف.

والمنكر كلمة جامعة عامة لكل ما يخالف شرع الله عز وجل في الاعتقاد والتعبد والعمل والسلوك، فالأمة كلها مخاطبة بأن تسعى لإزالة هذا المنكر، وأن تسعى لتغيير هذا المنكر أياً كان، سخط من سخط، ورضي من رضي، ما دام أنه منكر في عرف الشرع، وخطاب الشرع، فالمناط في تحديد المعروف والمنكر إنما يؤخذ من وحي من أمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الله سبحانه وتعالى.