العامل الثاني: الإيغال في التخصص، سواء أكان تخصصاً علمياً أو عملياً، قد يؤدي بالإنسان إلى أن يبالغ ويغلو، فبعض الناس يهتم بتخصص أياً كان هذا التخصص؛ كتخصص علمي مثلاً، ويفرغ وقته له، وليس هذا عيباً أبداً، لكن ينبغي أن يوغل، فيؤدي به ذلك إلى الغلو في هذا التخصص، أو الغلو فيما يتعلق به، وقل مثل ذلك في التخصص العملي، وهو يقع أكثر من النوع الأول، فبعض الناس قد يتصدى لميدان من الميادين يعمل فيها أياً كان هذا الميدان، من الناس مثلاً من تصدى لدعوة غير المسلمين للإسلام، من الناس من تصدى لتعليم أهل البادية والعامة الجهلة، من الناس من تصدى لدعوة المرأة، وتخصص فيه واعتنى به، فكثيراً ما يصاب أمثال هؤلاء بالمبالغة والغلو، باعتبار أنه عاش هذا الأمر واهتم له، ليس عيباً أنه تخصص، بل نحن بحاجة إلى التخصص، ونحن بحاجة إلى تعميق هذا الأمر، لكن بحاجة مع التخصص إلى إن يتسع أفقنا، أن نستوعب ما يعمله الآخرون، أن نقدر ما يعمله الآخرون، أن نعلم أن المجالات العاملة ومجالات اليوم تستوعب أنواعاً كثيرة ومجالات كثيرة من العمل، وكونك تنجح في هذا العمل أو ترى مجالات النجاح في هذا العمل أكثر وأولى لا يعني أن ما عليه الآخرون هو إضاعة للوقت، وإهدار للجهود.