ثانياً: تمتاز الدعوة الصامتة أنها تدرك من جميع الطبقات، إن الكلمة المسموعة أو المكتوبة تعيش أزمة اختلاف مستويات ومدارك الناس، والذي يتحدث أمام من ينصت له أو يكتب لمن يقرأ له يجد نفسه بين طبقتين ممن يستمع ويقرأ، فإن حسن المقال وارتفعت لغته شعر أن هناك من لا يدرك هذا الكلام أو من لا يفهمه حق فهمه، وإن كان مقاله دون ذلك شعر أن هذا نزولاً بالكلمة عما يليق بها، وأن هذا نزولاً بالسامعين والقراء الذين ينبغي له أن يحترم أسماعهم ويحترم أفهامهم، أما الذي يدعو الناس بحاله فهو يدعو بدعوة يدركها الجميع، ويفهمون مغزاها، يدركها من يقرأ ومن لا يقرأ، يدركها الذي قد بلغ الغاية في إدراك فصيح الكلام وبليغه، ومن كان دون ذلك.