إن من نتاج الأخوة أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، بل لا يتم إيمانه إلا حين يرقى إلى هذه المنزلة، ويصل إلى هذه الدرجة، حين يحب لأخيه ما يحب لنفسه (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفس)، أما حين يرقى درجة أعلى من ذلك فهو يكون ممن أثنى الله عليهم في كتابه في آيات تتلى إلى يوم القيامة:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر:٩]، فحين نطمع في الوصول إلى منزلة الأخوة، وإلى أن نجني ثمراتها في الدنيا والآخرة، فلنعلم أن غلاء الثمرة وصفاءها يفرض علينا أن ندفع ثمناً باهضاً، أوله أن نتخلى عن محبة ذواتنا وعن رغبات أنفسنا، أما حين يكون المرء لا يحب الخير إلا لنفسه، أما حين يفوز منطق الأثرة والأنانية، وتعلو وترتفع لغة (أنا) فهو أول وخز في بنيان هذه الأخوة، وأول دليل على أننا لسنا مؤهلين لأن نجني هذه الثمرة اليانعة، وأن نصل إلى هذه المنزلة العالية.