المحذور الرابع: أن نهون من شأن الجوانب الأخرى: فلا يسوغ مطلقاً أن نهون ونغض من شأن العلم الشرعي بحجة أننا ننشغل بإنكار المنكرات الظاهرة، ولا يسوغ أن نهون من شأن إنكار المنكر بحجة التفرغ للعلم الشرعي، وهكذا كل هذه الأبواب أبواب شرعية وأبواب مطلوبة لا يسوغ أن نهون منها ونغض منها، وكم ترى من الناس من يقع في زلل أحياناً لحجة أنه يريد أن يدعو الناس إلى جانب من هذه الجوانب، فيحتقر القائمين بذاك الميدان مع أنهم قائمين بواجب شرعي وعمل مشروع، بل قد يكون هذا الميدان أفضل مما هو فيه، فكم ترى مثلاً ممن ينعى على أولئك المتفرغين لتحصيل العلم الشرعي بحجة أن الأمة تعاني من مشاكل وويلات! وكم ترى أيضاً ممن ينعى على من عاش متنقلاً هناك شرقاً وغرباً، وقد عطّل مشاغله وترك راحته يسافر لخدمة المسلمين وقضاياهم فينعى عليه أن اشتغل بهذا الميدان وترك الميدان الآخر أو ذاك! إن هذا إنما هو في النهاية غمط وانتقاص من هذا الواجب الشرعي، فجميع هذه واجبات شرعية لا يسوغ أن ننتقص شيئاً منها ولا أن ننتقص مجالاً منها.