للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه للمتأثر بعاطفته تجاه حال المسلمين إلى حد كبير]

السؤال

إن العاطفة تأخذ مني مأخذها، حتى أصل إلى حد القنوط، وذلك لأن الجرح كبير، والخطب عظيم، فأنا أحمل عاطفة تجاه المسلمين في كل مكان، ولكن هذه العاطفة قد تؤثر على تفكيري، فما هي نصيحتكم لي؟

الجواب

هنا ندعو إلى ضبط العاطفة، وأن نحول العاطفة دائماً إلى رصيد عملي، فأنت ما دمت تتألم لمصائب المسلمين، فهذه العاطفة يجب أن تكون عند كل مسلم، بل من الإيمان، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

فلا شك أن من صفات الإيمان أن يحمل المسلم الحرقة والألم على مصائب إخوانه المسلمين، وهذا مما يمتدح به الرجل، ويعاب على فقده، وكذلك حين يقف عند هذا الحد، لا يصنع شيئاً، فلابد أن توقد هذه العاطفة، أقول: هذه العاطفة ينبغي أن تشعل رصيداً من العمل، تدفع إلى العمل والمبادرة والجهد والإنجاز، أما حين تبقى حزناً فقط، وبؤساً فقط، فإنها لا تصنع شيئاً.

ومما يهون على المرء أن يشعر بأنه مع عمق الجرح، وعظم المأساة، ليست مسئوليته إصلاح واقع المسلمين كلهم، وليست مسئوليته تغيير الواقع، إنما مسئوليته أن يعمل جهداً فحين يسأل أمام الله عز وجل يجيب، وحين يضع هذا نصب عينيه، فإنه يستطيع أن يقف في نقطة يتوازن فيها بين تلك العاطفة وبين العمل؛ لأنه إذا ازدادت حدة العاطفة أخذت مساحة من الجهد الذي ينبغي أن يصرفه الإنسان إلى العمل.