للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرؤية الجزئية]

الأمر السادس والسبب السادس: الرؤية الجزئية: قد ننظر للأمر من زاوية جزئية، الأمر قد يكون له عدة زوايا، فإذا نظرت إليه نظرة جزئية لن ترى الصورة المتكاملة، الآن لو نظرتم من خلال هذه الدائرة في هذه الزجاجة، فكل من ينظر إليها سيقول: هذه ورقة أو منظر طبيعي حين ينظر إلى جزء منها، لكن حين ينظر إليه نظرة كاملة يعرف أنها زجاجة ماء عليها ورقة.

فكثير من الأمور تختلط فيها المصالح والمفاسد، تختلط فيها الاعتبارات، فيأتي الإنسان ينظر إلى زاوية واحدة، إلى المصالح التي فيها، ويغفل عن المفاسد، أو العكس، قد ينظر الإنسان إلى المفاسد ويغفل عن المصالح التي فيها، مثل إنسان تقدم لخطبة امرأة يريد أن يتزوج بها، وهذه المرأة فيها صفة من الصفات التي يحبها، هب أنها جميلة، أو فيها دين، أو من أسرة يحب أن يرتبط بها، أو موظفة، أو تخصصها يوافق تخصصه، أياً كان هذه المرأة ففيها صفة يحبها، لكن فيها صفات أخرى، هذا الإنسان إذا نظر إلى هذه الصفة وحدها سيهمل الصفات الأخرى، وقد يقع في مشكلات كبيرة، وقد يؤدي به ذلك إلى أن يفشل في حياته الزوجية، قد يجد امرأة ذات جمال، لكنها ليست ذات خلق، ليست ذات دين، لا تتواءم معه، لا تتفق معه، حين يريد الإنسان الزواج عليه أن يسأل أو ينظر نظرة كاملة في هذه المرأة، والمرأة حين يتقدم إليها من يخطبها تنظر إليه نظرة كاملة، لا تنظر إلى جانب واحد، أو مجال واحد، وفي النهاية تتخذ قراراً بناء على هذه الرؤية الكاملة.

والذي ينظر برؤية كاملة يندر أن يتطرف؛ لماذا؟ لأن أي شيء غالباً تجد فيه جوانب إيجابية وجوانب سلبية، تجد فيه جوانب ضعف وجوانب قوة، فهذا الجهاز -جهاز التسجيل- فيه مزايا: خفيف الحمل، فيه مزية في تسجيله، لكن فيه عيوب، حينما أنظر إلى المزايا فقط سأبالغ فيه، وحينما أنظر إلى العيوب سأبالغ في ذمه، لكن إذا نظرت نظرة متكاملة سأنظر نظرة معتدلة، وهكذا قل مثل ذلك في الوسائل الدعوية، في البرامج الدعوية، في المشروعات، في الآراء، في الأفكار، حين ننظر برؤية متكاملة وننظر إلى الأمر من جميع جوانبه فالغالب أن تكون مواقفنا معتدلة، أن نقول: نتوق إلى النجاح في هذا المشروع بنسبة (٨٠%)، نتوقع النجاح في هذا المشروع بنسبة (٧٠%)، لكن هناك احتمالات فشل، هناك نقاط ضعف، هذا الشيء فيه من المزايا كذا وكذا، وفيه من العيوب كذا وكذا.

إن أولئك الذين ينظرون نظرة جزئية قد يمارسون هذا السلوك في التعامل مع النصوص الشرعية، فالذي ينظر -مثلاً- إلى نصوص الوعيد وحدها يؤدي به الحال إلى أن يقنط ويقنط الناس، والذي ينظر إلى نصوص الرجاء وحدها، قد يؤدي به الحال إلى أن يؤمن الناس من مكر الله تبارك وتعالى.