للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السائلين في شرح عمدة الطالبين ورغبة الراغبين"، في الفقه، وهو بخطه في سنة ٨٦٤ هـ (١). وكان لا يزال في دمشق.

[في دمشق]

وفي شهر جمادى الآخر من سنة ٨٦٥ هـ. نراه مع والده وأهله في دمشق، وفيها شهد حضور "وليّ الدين أحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن رسلان البُلْقيني" ليتولّى القضاء الأكبر بدمشق، وخطابة جامعها الأموي، وكان لدخوله إليها يوم مشهود، وكذلك كانت أول خطبة يخطبها في الجامع من مشاهير الأيام. وقال: "حضرت في ذلك اليوم بالجامع الأموي لسماع خطبته، فشنّف الأسماع بعبارته وطِيب نغمته، لعلّي لم أسمع مثله إلى الآن في حُسن عبارته وفصاحته وشجاوة صوته ونغمته وحلاوة ذلك وطلاوته. وكان ما يخطب به من إنشائه، ثم عمل مجلسًا بعد الصلاة للوعظ هائلًا، ولم أسمع مثله قبله. ثم حضرت بعد ذلك عدّة مجالس من وعظه وخُطَبه، فكان إلى ذلك المنتهى … رأيته بدمشق يصعد المنبر وعليه الجُبّة السِّمَّور، مسبولة الطوق إلى عجزه وأسفل منه" (٢).

ويخبرنا "عبد الباسط" أن الدار التي سكنوها بدمشق كانت دار "كمشبُغا طولوا" بالقرب من عين دار البطّيخ، والتي جدّد آثارها حاجب الحجّاب بدمشق "إبراهيم بن بَيْغوت"، وأنشأ حمّامًا بقربها (٣).

[في القاهرة]

لم تطُل إقامة "عبد الباسط" مع والده بدمشق، إذ عادا إلى القاهرة أواخر العام ٨٦٥ هـ. وسكن مع والده بدار زوجته "أصيل باي" التي تقدّم ذِكرها، فهرع أصحاب أبيه للسلام عليه، وكان الشيخ "عَلَم الدين، صالح بن عمر بن رسلان البُلْقيني" (ت ٨٦٨ هـ) ممن جاء للتهنئة، فدعا "خليل" ولدَه "عبدَ الباسط" لرؤيته وتقبيل يديه، فساعةَ وقع نظر "البُلقيني" عليه أجَلَّه واحترمه، وأخذ والده يُثني عليه، ويصفه بالعلم والذكاء. ثم اصطحبه أبوه معه إلى مجلس قاضي القضاة الحنفية "أحمد بن الدَيْري" بالمدرسة المؤيَّديّة (٤)، فسأله عن مسألة في الفرائض، فأجابه (٥).


(١) انظر مصنّفات المؤلّف في ما يأتي لاحقًا.
(٢) المجمع المفنّن، ج ١/ ٥٧٢، رقم (٥٣٨).
(٣) المجمع المفنّن، ١/ ١٦٦، رقم (٢٢).
(٤) المدرسة المؤيَّديّة: هي المدرسة التي أنشأها السلطان المؤيَّد شيخ المحمودي بالصُةَّة تجاه القلعة. (بدائع الزهور ٢/ ٣٨، المواعظ والاعتبار، للمقريزي - تحقيق د. أيمن فؤاد سيد - لندن، مؤسسة الفرقان ١٤٢٤ هـ / ٢٠٠٣ م. - ج ٤ ق ٢/ ٦٧٢).
(٥) الروض الباسم ٢/ ورقة ١٠ ب، ١١ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>