للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفعهم ونفع الفقراء والمساكين، مقبلاً على شأنه، عارفاً بأمور دينه ودنياه، خائفاً من تبِعات عُقباه، وله مع الظلمة في قيامه للأمر بالمعروف حكايات طويلة، وامتُحن بسبب ذلك المرة بعد المرة، والكَرَّة بعد الكَرّة، ونُجّي سريعاً. حج مراراً وجاور. وبالجملة فكان من محاسن الدنيا، وكان مقتصداً في ملبسه، لا يتبختر ولا يتكبّر ولا يتجبّر ولا يتهوّر، ولا عُلم عليه ما يشينه في دينه ولا ما يعيبه، وتأسّف الناس عليه بعد موته في سنة تسع عشرة (١) وثمانمائة. وكانت جنازته من مشاهير الجنائز. وهو الذي أنشأ الدار المعروفة به في زيادة جامع ابن طولون. ووقع فيها بعد موته القيل والقال بواسطة كراهة الظاهر وغيره فيه وفي ولده صاحب الترجمة. وآل الأمر فيها بعد الخبط الكبير إلى الهدم، وهُدمت للأغراض الفاسدة، وإلّا فلأيّ فائدة؟

وقد ذكرت هذه الواقعة. وترجمة الشيخ أبي (٢) هريرة في كثير من التواريخ مفصلة، وهذا على جهة الاستطراد.

(ذِكر سبيل جامع ابن طولون) (٣)

وقد أنشأ الأشرف قايتباي سلطان زماننا هذا بالزيادة المذكورة مكان هذه الدار سبيلاً مشهوراً للماء، فكان حسناً نافعاً في محلّه.

وجعل خازنه صاحبنا المرحوم الشيخ المبارك رَيحان الزنجي الحلبي، وكان من أهل الخير والدين، يتعانى حلق رؤوس (٤) الأكابر من الأمراء وغيرهم، وكان يسقي الماء بطاسة بين العشاءين بالخانقاه الشيخونية، دأبه على ذلك من مدّة سنين، ويكثر نوافل الطاعات من الصلوات وغيرها، مع بشاشة (٥).

مات في سنة سبع وثمانين وثمانمائة، وكان به النفع، رحمه الله.

توفي الشيخ أبو أمامة صاحب الترجمة بمرض الفالج بعد أن توافر به نحو الثمانية شهور، في يوم الثلاثاء سادس عشرين شعبان، ودُفن إلى جانب أبيه بباب القرافة.

وكان أبوه لما مات تركه وترك ولداً آخر أسمر يسمّى محمد أبو اليُسر من أمّه، وبنتاً يقال لها فاطمة، وهي التي تزوّج بها صاحبنا.


(١) في الأصل: "تسعة عشر".
(٢) في الأصل: "أبو".
(٣) العنوان عن الهامش.
(٤) في الأصل: "روس".
(٥) خبر السبيل بإيجاز شديد في: تاريخ الملك الأشرف قايتباي (بتحقيقنا) ص ٤٠، والضوء اللامع ٦/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>