للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسأله: من هو السلطان؟

فقال له: الملك الأشرف قايتباي.

فقام من وقته وتوجّه إلى البَحْرة من على طريق الحريم بحُرمةٍ وعَظَمَة، ويشبُك بين يديه وآخرون (١) من أخِصاء تمربُغا.

وقيل: إنّما طلع يشبُك إليه من تلقاء نفسه حين تم الأمر لقايتباي في السلطنة، وإنه أدخله إلى الخرْجة للخزانة التي بها خيربك، وكلّمه بأن الناس بايعوا قايتباي، وإنه هو الذي أراد التوجّه إلى البَحرة.

فأجابه يشبُك إلى ذلك، ومرّ به إليها بعد أن طيّب خاطره من جهة الأتابك قايتباي، ومشى بين يديه إلى البَحْرة حتى أوصله إليها، بعد أن أخذ منه التّرس والنّمْجاة، ودفعهما لتمراز الشمسي، وكان قد طلع هو أيضًا معه في هذا الأمر، وعاد تمراز بما معه، وأخبر بانزواء تمربُغا بالبحرة، وأنه توجّه إليها طائعًا مختارًا، وهو بها (٢).

(ذِكر المبايعة العامّة لقايتباي بالسلطنة) (٣)

فأُحضر الخليفة حينئذٍ والقضاة وأهل الحلّ والعقد، ليعقدوا البيعة على الوجه الشرعي، فبَدَرَ القضاة بعمل القضية، وبعثوا إلى تمُربُغا ليشهدوا عليه بخلع نفسه، فتوجّه إليه الشهود إلى البحرة -على ما بلغني-، وأنه قال لهم حين دخلوا عليه: اشهدوا عليّ أنني رددت ما فوّضه إلى الخليفة من أمر المسلمين، فشهدوا عليه بذلك، ثم عادوا إلى القضاة فأعلموهم بذلك، وشهدوا به عندهم، ثم عملوا القضية.

ويقال: إنهم لم يبعثوا إليه بذلك، بل ابتدأوا له بالبيعة، لأنها قضية تولية، واللَّه أعلم بذلك. ومدّ الخليفة يده فبايع الأتابك قايتباي، وتَبعه الناس. ثم أحضر شعار الملك: الخلْعة السوداء الخليفتي، والعمامة، وقام قايتباي فدخل لمبيت الحرّاقة، وأُفيض عليه الشعار، وتعمّم، وتقلّد بالسيف، وخرج من البيت ملكًا سلطانًا، وقد تهيّأ الأمراء والأعيان بقماش الموكب لمثل هذه الساعة، وقُدّم إليه المركوب فرس النَوبة بالسَرج الذهب والكَنْبوش الزَرْكش، فركبه، بعد أن رصد له


(١) في الأصل: "واخرين".
(٢) خبر إخراج تمربُغا في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٩٤، وتاريخ البصروي ٣٠، ونيل الأمل ٦/ ٣٠٩، ٣١٠، وبدائع الزهور ٣/ ٦.
(٣) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>