للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"المحّرر" في فقه مذهبه، ومهر وبرع، وذُكر بالفضيلة التامّة، وأفتى ودرّس، وجلس لإفادة الطلبة، وانتفع به جماعة، وسمع الحديث على الزين الزركشي المذكور في مشايخه، بل وعلى غيره، وناب في القضاء، وصار معدوداً من أعيان علماء مذهبه، وحُمدت سيرته في قضائه وأحكامه، وشُكرت قضاياه. ودام على ذلك مع الخير والدين، والعفّة، والتؤدة، والسكون، وحُسن السمت، والملتقى، حتى توفي في يوم الأحد تاسع عشرين صفر.

(ترجمة ولده الشهاب الشِشِيني) (١)

٣١٢ - • وترك ولده العلّامة، صاحبنا، الشيخ، الإمام، العالم، العامل، البارع، الكامل، الفاضل، شهاب الدين، أبا (٢) العباس، أحمد (٣).

وُلد على ما أخبرني به من لفظه، حصّنه الله تعالى بحفظه، ونظر إليه بعين عنايته ولحظه، في آخر يوم الخميس خامس عشر شوال سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وأخبرني بأنه رآه كذلك بخط والده صاحب الترجمة.

ونشأ نشأة حسنة، فحفظ القرآن العظيم في حالة صغره، ثم حفظ "المحرّر" و "ألفيّة النحو" و "تلخيص المفتاح" وغير ذلك، ثم اشتغل بالعلم، مع فرط ذكاء وفهْم وحذق وتيقّظ وفطنة، بقريحة وقّادة، فكرة نقّادة، فلازم والده، وأخذ عنه الكثير وانتفع به. ومن مشايخه العزّ الكناني قاضي القضاة. ولازم التقيّ الحصني في الفنون. وأخذ أيضًا عن شيخنا الكافِيَجي، وكان يُثني على فهمه وذكائه وعلمه، ويعجبه حُسن سمته وعقله. ومن مشايخه أيضًا: التقيّ الشُمُنّي، والشمس الشرواني، وغيرهما. ولم يزل محصّلاً حتى برع ومَهَر وشُهر وذُكر! وأفتى ودرّس، وكتب على الفتاوى الكتابة الجيّدة لإتقانه مذهبه وضبطه إيّاه، وفاق فيه على أبيه وعلى أقرانه، بل على الأعلى منه سِنًّا، وصار يُقصَد في المهمّات والواقعات في مذهبه، وترد عليه الفتاوى، ويُعتمد على ما يكتبه في مذهبه، وعُدّ من أعيان السادة الحنابلة في هذا العصر وأشير إليه في مذهبه إمامة، مع خير ودين وحُسن سمت وطلاقة مُحيّا. ووُلّي تدريس الفقه بالأشرفية المستجدّة بين القصرين، وبيده عدة وظائف أُخَر. وهو أهل لأن يرقى إلى أسنى الوظائف لعموم نفعه والانعكاف على الإقراء والإشغال ونفع الطلبة، مع ما هو مشغول به من التأليف والتصنيف. وقد


(١) العنوان من الهامش.
(٢) في الأصل: "أبو".
(٣) في الضوء اللامع ٢/ ٩ - ١١ رقم ٢٩ "أبو حامد" ولم يذكر وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>