للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ترجمة البرهان الكرَكي]

٣٨١ - وُلد بالقاهرة في سنة خمسٍ وثلاثين وثمانمائة.

وبها نشأ مُقِلًّا، وأحفظه والده القرآن العظيم في حالة صِغره. وذكر هو عن نفسه بأنه حفظ "الكنز"، بل وغيره، وأنه عرض على جماعة، منهم: الكمال بن الهُمام، وغيره، وأظنّه ليس كما قال. ثم تعانى القراءة في الاتباع على بيوت الناس وفي اسطبلاتهم، مع معانية الأذان والميقات وعرف الوقت وبرع في ذلك شيئًا، ثم ناب عن والده في رياسة وقت بجامع ابن (١) طولون، وصار يؤذّن مع المؤذّنين به، ثم اتصل بخدمة الأتابك جَرباش كُرْد مؤذّنًا له.

ذكر لي التاج محمد بن الكردي الآتية ترجمته في سنة تسع وثمانين: كان إمامًا لجربالش هذا، وهو الذي كان السبب في إيصال إبراهيم هذا به، أن جرِباش كان في قليل يقول: في أيّ شيء هذا المؤذّن، وكان لا يعجبه صوته. وكان قد لازم قبل ذلك الشهاب ابن (٢) العطار وقرأ عليه "البخاري" سردًا فيما أخبر عن نفسه، وكذا "مسلم"، وأنا أعرف كونه قرأ عليه "مسلمًا"، وأما "البخاري" فيمكن ذلك، ولازم الشمس إمام الشيخونية أيضًا، يظهر أنه يقرأ عليه، وكذا شيخنا النجم القَرْمي، وأخذ عنهما شيئًا، ثم اتصل بخدمة الأشرف قايتباي في أيام إمرته مؤذّنًا، ثم صار يؤمّ به أيضًا، وجمع بين الأذان والإمامة عنده. ولما تسلطن صار من أئمة القصر، وداخل السلطان، وتحشّر فيه جدًا، ثم أنزله يشبُك من مهدي في صوفية المؤيَّديّة، وحضرها مدّة وهو على إمامته، لدناءة نفسه ومزاحمة الطلبة، وإلّا فقد كان في كفاية وغنية. ثم أخذ في العُلوّ والارتفاع بعد موت التقيّ الشُمُنّي، وسعى في وظائفه فحيل بينه وبينها وجود مولود كان لتركة الشيخ، ستأتي ترجمته في ترجمة الشيخ إن شاء اللَّه تعالى، في تراجم (هذه السنة) (٣)، وما أمكنه إلّا أن يكون نائبًا عن الولد، طمعًا في أنه يموت، فيستقلّ هو بها، وأشربها قلبه، وصار يحضر في حضور تربة قانِبَاي في المشيخة لحضورها، ولازم ذلك مدّة، ثم تعاظم عن ذلك، فصار يبعث والده إلى حضورها نائبًا عنه. وداخل يشبُك الدوادار وتحشّر فيه، وصار يربّي نفسه عنده، ويعرف بها بطريقة تغلب فيها شاشان، وراج بعض الرواج، لا سيما وهو يدري اللغة التركية، وكذا صار دأبه مع السلطان أيضًا، في تعريف نفسه بنفسه بحِيَل في ضمن كلام، حتى أقام لنفسه


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) عن الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>