للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تحزَّب بني وَطّاس لحصار فاس]

وفيه، في يوم الأربعاء، تاسعه، ورد الخبر إلى واهران في البحر الملح بأدن بني وَطّاس تحزّبوا، وجمعوا جموعًا عظيمة، وهم في نيّة حصار فاس، ليأخذها الذي يقال له مولاي الشيخ من صاحبها الشيخ الشريف محمد بن عِمران، وأن أهل فاس في ضررٍ كبير بسبب ذلك، وأن التجار والقوافل قد انقطعت ما بين تلك البلاد بسبب هذه الفِتن، وأن العرب الذين يقال لهم الشادية مع بني وَطّاس (١).

[[نزول السلطان من قلعة القاهرة إلى المطعم]]

وفيه، في يوم الخميس عاشره، ووافق رابع هاتور من شهور القبط، ركب السلطان من قلعته، ونزل إلى مطعم الطير، وهو لابس الصوف، وبين يديه أمراؤه وأعيان دولته، ووجوه مملكته، في موكب حافل جدًّا، وسار إلى أن وصل المطعم، فنزل بالمسطبة هناك، وألبس الأمراء الصوف على العادة، ثم عاد للقلعة، وقعد الناس لرؤيته (٢).

(حيلة غريبة نادِرة) (٣)

وفيه، في هذه الأيام، ورد الخبر إلينا بواهران، بأنّ جَمعًا من التجّار كانوا توجّهوا من تِلِمْسان وغيرها إلى فاس، وباعوا ما حملوه معهم للاتجار فيه. ولما جرت الفتنة حُصروا عن الرجوع عائدين إلى أوطانهم، فاتفق أربعة منهم على الرجوع بحيلبما احتالوها، مشت على العرب وقُطّاع الطريق، بأن سيّروا حميرًا، وجعلوا عليها أخراجًا بما كان معهم من المال النقد، وعمدوا إلى عِبِيّ عتيقة، فجعلوها أغطية على الأخراج، وأنهم أخذوا الطحّال من الغنم، فجفّفوه ودقّوه، وحملوه معهم مع شيء من الغراء، وخرجوا، وكانوا إذا قربوا من طائفة من العربان أو نجعًا أذابوا الغراء الذي معهم، وجعلوا يلطّخون مواضع من أبدانهم على رقابهم ووجوههم وأيديهم إلى المرافق، وأرجلهم إلى نصف الساق، ثم يُذْرون على ذلك مما معهم من الطحال المرقوق المُجفّف ويمشون باستكانة، يوهمون بأنهم مجاذيم من أهل البلاء، وأنهم يجولون بحميرهم، عليها زادهم وأثاثهم، فكانوا إذا اجتازوا على العرب ورأوهم على تلك الحالة هربوا فارّين منهم، وأبعدوا عنهم جنون


(١) خبر تحزّب بني وطّاس في: نيل الأمل ٦/ ٢٢٨.
(٢) خبر نزول السلطان في: نيل الأمل ٦/ ٢٢٨، وبدائع الزهور ٢/ ٤٣٤.
(٣) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>