للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتاج إلى القدر من العسكر لكثرة الزُعر والعبيد وجِدّهم وعزمهم.

ثم لما أمسى على يشبُك هذا الليل في ليلة السبت، (نظر) (١) فرأى نفسه وحده مع المؤيَّدية خاصّة، وماذا عسى أن يفعل هو بذلك الجمع الوافر، والجيش المتكاثر، وكثرة العساكر، ومع ذلك ما تحرّك، فعرف من نفسه أن حركته الآن لا تفيد، فقام من وقته وأخذ في أسباب اختفائه واختفى، وكذلك فعل قانِبَك وغيره من المؤيَّدية من خُشداشيه، وذلك كله بعد أن ركب جانِبَك قلقسيز وقايتباي المحمودي في يوم الجمعة هذا. وبقيا يحرّضان (٢) خشداشيهما على مقاتلة التحاتي، بعد أن كانوا معهم (٣).

[[خلع الظاهر يلباي]]

وأمّا ما كان من أمر الظاهر يَلَباي، فإنه كان في يوم الجمعة لما انبرم رأي الفواقي، واستمالوا من استمالوه، جالسًا على المدوّرة كما قد بيّنّا، وإلى قربه بين يديه تمُربُغا، فصارت التحاتي إذا طلع منهم من مال إلى الفواقي يجيئون إلى يَلَباي، فيقبّلون له الأرض حشمة فقط، مع معرفتهم بأنه زائل، ثم يأتون تمُربُغا في ذلك المجلس فيقبّلون يده، ولم يكن بذلك عادة، بل العادة أن يقبّل الأرض بين يدي السلطان، مع قطع النظر عن غيره، فخالفوه في هذا اليوم، الترشّح تمربُغا للسلطنة، بل لو أمكنهم لَقَبّلوا الأرض لتمُربُغا هذا، والأوباش من فجّار الجُلبان وبعض الخاصكية ممن هو حاضر مجلس يَلَباي كالخدم له، وهم موكّلون به، يلوّحون بخلعه ويحضّونه، بل ويصرّحون له بأشياء فيها غاية الإنكاء، وذلك في دَسْت سلطنته، وهو باقٍ عليها، فلعلّ ذلك من غريب النوادر، ومن عجيب الغرائب في بهدلة السلطنة. ثم لما دخل الليل أقاموا السلطان، فأدخلوه إلى مبيت بمقعد الإسطبل، لا سيما وقد جاءهم الخبر بانفلال الناس عن يشبُك الفقيه، بل وأحسّوا بأنه أخذ في أسباب الاختفاء هو وخُشداشيه من المؤيَّديّة، فزاد طمعهم في يُلْباي وواجهوه بما يسوء، وبات بالمبيت المذكور على أقبح وجه وأسوئه (٤)، مزعوجًا مرعوبًا، حائرًا في أمره، مفكرًا في ماذا يكون حاله. بل ربّما جزم بأنه سيستنكف (٥)، لأنه ولّي السلطنة وهو جركسيّ الجنس من الأكابر


(١) مكرّرة في الأصل.
(٢) في الأصل: "يحرضا".
(٣) خبر واقعة يشبك في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٦٩، ونيل الأمل ٦/ ٢٩٥، وبدائع الزهور ٢/ ٤٦٥.
(٤) في الأصل: " واسواه".
(٥) في الأصل: "سينتلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>