للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفقّد مقياس النيل]

وفيه كان عيد النحر يوم الثلاثاء، ووافق ذلك سادس عشرين بؤونة (١) من شهور القبط، وتفقد فيه ابن (٢) أخي الرذّاذ المقياس، وأخبر بأن القاعدة خمسة أذرع واثنان وعشرون إصبعًا، فبشّر بذلك، ثم أصبح في يوم الأربعاء ثاني العيد فنزل وكسر البحر، إلى أن كان من أمر الكسر والوفاء ما سنذكره.

(تعييد السلطان بفارسكور) (٣)

وفيه عمل السلطان عيد الأضحى بمدينة فارسكور كما قلناه، وكان الناس بالقاهرة في غاية مايكون من النكد، بسبب غلاء الأسعار، ومخافة السُبل، وظهور الفِتن والأنكاد، وموت العيال والأولاد، وغيبة الكثير من الناس عن ديارهم ومنازلهم وجماعتهم، خصوصًا ذلك بأثر الطاعون، فأخذ الناس في الحزن على من مات لهم من أولادهم وأقاربهم، لا سيما وقد دخل العيد الموجب لذِكر الأحباب، وما كفى الناس ذلك كله، حتى قطعت الضحايا المرتبة في الديوان السلطاني، وكان جلّ غرض السلطان بتعييده خارج القاهرة توفرة هذه الضحايا، ولم يفرّق الأعيان والرؤساء ممن كان وجد بهذا العيد بالقاهرة الضحايا (٤) على العادة في كل سنة، اقتداء بملكهم، ولسان حالهم يقول: الناس على دين ملوكهم. فكان هذا العيد الذي هو موضوع السرور والفرح من نوادر الأعياد، وأشبهها بالمآتم، لا سيما وقد صادف كآبة الناس وأحزانهم، وقبض خواطرهم من وجوه عديدة، قد عرفتها آنفًا، ومن أثناء المتجدّدات الماضية فلا نعيدها.

هذا والسلطان يتنقل في تلك البلاد من بلدة إلى أخرى، ومن ناحية إلى ناحية، لأخذ التقادم، حتى من مشايخ الفلّاحين وكبارهم، وكان يتوجّه بنفسه إلى الناحية، حتى تحضر إليه هدية من له ذِكر، أو شُهرة هناك، بمالي أو نحوه، وحصلت المفاسد الزائدة، والضرر البالغ على أهل تلك النواحي، لا سيما بواسطة أوباش الأتباع من ( ...... ) (٥)، فإنهم بقوا يأتون (٦) البلد من تلك البلاد لأجل الخطف، فإذا لم يجدوا شيئًا، أو لم يكفهم ما أخذوه للوقيد، أخذوا أبواب الناس، حتى نقل بعض المجازفين، وأظنّه ما جازف في هذه، بأنهم فعلوا ذلك بأبواب بعض المساجد. وأما الطواحين وغيرها فلا تسأل عنها في ذلك، وهلك


(١) في الأصل: "بونه".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) مهملة في الأصل.
(٥) كلمتان غير مفهومتين: "العابين والعزية"؟
(٦) في الأصل: "ياتوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>