للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عليهم في ذلك، ونزلت الطواشية فدارت بذلك على الجيش وأعلموهم (١).

[رياسة الطبّ]

وفيه، في يوم الخميس، سادس عشرينه، استقرّ في نصف رياسة الطبّ الريّس شمس الدين محمد بن عبد الوهاب بن يوسف القوصوني، القاهري، الحنفي شريكًا لابن الشريف. والشمس هذا موجود الآن، وندرة إنابته الطب استقلالًا بعصرنا هذا (٢).

[ترجمة القوصوني (٣)]

١٥٦ - ولد بالقاهرة في سنة خمس (٤) وثلاثين [و] ثمانمائة، وبها نشأ.

فقرأ القرآن العظيم، ثم حفظ "القُدُوري" على ما كتبه إليّ مخبرًا به، ثم تعانى الطب فحفظ "فصول أبقراط"، وهيئات المرض والأسباب والعلاجات العينية، وأتقن حفظها على فتح الدين بن فيروز، ثم اشتغل بالفنّ فأخذ عن جماعة من أعيان الأطباء بعصره، ثم أكثر (٥) من الحساب، وتدرّب بعد ذلك على جماعة منهم: الناصري البندقي، والسراج بن صغير، وموسى العبري، وغيرهم.

وكان في دُربته، ذا حذق وفطنة، وفَهْم وتوجُّه، وذكاء ومعرفة، وفاق على أقرانه، بل وعلى من علا (٦) عن سنّه، ولا زال مجِدًّا مجتهدًا حتى برع، وشُهر بالفضيلة، وباشر العلاج، وحُمدت مباشرته، ورؤي منه من المعالجات الجيّدة الفائقة ما لو ذكرناها لطال المجال واتّسع المقال، وإبراء الأجذم والأبرص في تناديهما، بل وبعض من تمكن من ذلك، فما ظنّك بغير ذلك من الأمراض، وصنّف وألف عدّة كتب جيّدة نافعة. وتقرّب من الملوك، وواجه الرؤساء والأعيان، وحُمدت سيرته وشُكرت في الفنّ والمعالجة والدُربة والمزاولة [بـ]ـأياديه، مع حُسن السمت والتؤدة والسكون والعفّة وتنشيط العليل إذا دخل عليه وتهوين ما به من العلّة عنده بكلام حسن، فيهون على العليل مُصابه، فله هذه


(١) خبر إلزام الجند في: نيل الأمل ٦/ ١٣٧، وبدائع الزهور ٢/ ٣٩١، ٣٩٢.
(٢) خبر رياسة الطب في: نيل الأمل ٦/ ١٣٧، وبدائع الزهور ٢/ ٣٩١.
(٣) انظر عن (القوصوني) في: الضوء اللامع ٨/ ١٣٤ رقم ٣٠٩ وفيه: محمد بن عبد الوهاب بن صدقة.
و"القوصوني" نسبة لجامع قوصون.
(٤) في الضوء: ولد سنة أربع وثلاثين.
(٥) في الأصل: "الترت".
(٦) في الأصل: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>