للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويضاف إلى هؤلاء الشيوخ: أبوه، وأخوه الأكبر "أبو الفضل محمّد"، وهو أنشده في مدح خطيب مكة "محمّد بن محمّد بن أحمد العقيلي، النويري، المكي، الشافعي" (ت ٨٧٣ هـ):

سألت حداة العيس أين تيمّموا … مطاياهم ظاعنين عن الأهل

فقالوا: إن بحر العلوم ومن غدا … الزمان خطيبًا في محاسنه علي

وفاض على كل الورى نور فضلِهِ … وليس عجبًا فيضها من أبي الفضلِ (١)

ومن المرجّح أن شيوخه والذين أخذ عنهم بلغوا المئة أو يزيدون، ولو وَصَلنا "الروض الباسم" و"المجمع المفنّن" كاملَين لتَحَقَّقْنا من ذلك.

وهو سمع أيضًا من الإمام المؤرّخ جلال الدين السيوطيّ شعرًا، يرثي فيه "المناوي" كما سيأتي. وله شيوخ غير الذين ذكرناهمٍ، أورد "السخاوي" بعضهم في ترجمته الآتية بعد قليل. ولم يقدَّر له أن يأخذ شيئًا عن "برهان الدين البقاعي" (ت ٨٨٥ هـ) لأنَّ خلافًا وقع بينه وبين "الكافيجي" فتعاطف هو مع شيخه "الكافِيجي" (٢)، ولم يأخذ عن "البقاعي".

[علاقاته الاجتماعية]

وفي العودة إلى وقائع رحلة المؤلّف، وقائمة شيوخه، يمكن أن نؤكّد على تنوّع مصادر ثقافته، واتصاله بعلْية القوم وكبار العلماء في كل مدينة أو بلدة دخلها، وهذا يدلّ على وجاهته وعُلُوّ قدره، بحيث أكسبته التجارة موقعًا اجتماعيًا محتَرَمًا، مع ما كان له من رصيد اجتماعيّ وثقافيّ، اكتسبه من والده الذي وصل إلى رتبة الوزراء في مصر، وغير ذلك من المناصب الرفيعة في مصر والشام وغيرها، فضلًا عمّا صنّف من مؤلفات، فجمع بين المكانة السياسية، والمكانة العلمية، حتى عُرف المؤلف في بعض المصادر بـ"ابن الوزير"، فلا غرابة إذن أنّ نراه يجتمع بالملوك والسلاطين والوُلاة والقضاة والمُفتين والخطباء والعلماء، وكبار التجار والوجهاء، وأن ينسج علاقات وصداقات واسعة مع رجالات عصره، في البلاد التي ينزلها ويقيم فيها. ولم تصرفه التجارة، بل لم تستحوذ على كل تفكيره واهتمامه، إذ جمع بينها وبين طلب العلم، والاستزادة منه، بالاجتماع بالعلماء والشيوخ، والتردّد على مجالس العلم، ومَيله إلى التصوّف، وزيارة قبور الأولياء والصالحين، والعلماء الأقدمين.


(١) الروض الباسم، ٤/ ورقة ٢٤٣ ب.
(٢) المجمع المفنّن، في ترجمة البقاعي رقم (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>