للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالحَوش، وعيّن منهم جماعةً كثيرة للخروج لقتال شاه سوار، وكان قد عُيّن قبل ذلك عدّة من الأمراء، وهم الأتابك أُزْبَك، وأظهر الامتناع من التوجّه، حتى تلطّف به بعد ذلك، وكان هو باش العساكر، وقَرقماس الجَلَب أمير مجلس، وسُودُون القصرُوي رأس نَوبة النُوب، وتمر من محمود شاه حاجب الحجّاب المعروف بالوالي، وقَرَاجا الطويل الأشرفي الإينالي، الذي وُلّي نيابة حماة بعد ذلك، وهؤلاء مقدَّمو (١) الألوف، وعيّن عدّة من الأمراء غيرهم من الطبلخاناة: خير بك من قديد الأشرفي، وجانِبَك الزَيني المؤيَّدي، ومن العشرات عدّة كبيرة فوق العشرين من سائر طوائف الأتراك.

ولما أخذ السلطان في هذا اليوم في تعيين من يقبض عليه بقي يكتب من شاء سفره، ومن لم يُرِد سفره، فإن كان من ذوي الأقاطيع ألْزمه بمائة دينار يذكر له السلطان أنه يقيم بها بديلاً عنه، أو يعطي لمن يسافر، ومن لا إقطاع له ألزمه بحمل عشرين ديناراً، وتم له هذا القصد وما أراد، ومشى ذلك، ووزن أهل الأقاطيع المائة دينار، وأقام القليل منهم عنه بديلاً، وأخذ من الغير (٢) المقطعين العشرين، وما انتطح في ذلك عنزان، ولا اختلف في ذلك اثنان، وفعل ذلك مع كل إنسان، من سائر أجناس العسكر من المماليك الذين مسّهم الرق وغيرهم ومع الأعيان، وعُدّ ذلك من نوادره، ثم جيء إليه ما طلبه بكماله وتمامه، وما سلم من ذلك إنسان، وكان ذلك من غريب الاتفاق. وحصل للسلطان من ذلك مال طائل، ذهب كأنه لم يكن، وما أضافه إليه أيضاً على ما ستعرف ذلك من حال كسر العساكر وقتْلهم (٣).

[[استعراض السلطان للجند]]

وفيه، في يوم الأحد، سادس عشره، جلس السلطان للعرض أيضاً بالحوش، ثم استدعى بالجند واحداً بعد واحد، وهو يفعل معهم مثل ما فعل بالأمس، لكنْ كثُر الدعاء عليه من المأخوذ منهم، وتمنّوا زواله، وبقوا يودّون قيام فتنة، وثوران شرّ، ويتمنّون ذلك ويستشرفون له، ويأبى اللَّه إلّا ما أراد، فإنه دام في سلطنته وغيره مستمراً إلى يومنا هذا، بل تسلّط عليهم بأنواع التسلّطات (٤) حتى قهر الجميع


(١) في الأصل: "مقدَّمون".
(٢) في الأصل: "الغير".
(٣) خبر تعيين التجريدة في: إنباء الهصر ٤٨، ٤٩، ونيل الأمل ٦/ ٣٥٩، وبدائع الزهور ٣/ ٢٧، وتاريخ قاضي القضاة ١٣٩ أ.
(٤) في الأصل: "المسلاطات".

<<  <  ج: ص:  >  >>