للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عزوز إمام زاوية سيدي إبراهيم التازي، المتقّدم ذِكره، كما اجتمع بأبي العباس أحمد بن العباس المالكيّ مفتي وهران، وصاحَبَ بها كبارَ أهل العلم والفضل، فأفاد منهم الكثير (١).

وفيما كان المؤلّف يتابع رحلته في بلاد المغرب العربيّ كان والده يتردّد على السلطان خُشقدم في القلعة بالقاهرة، وفي يوم الجمعة آخر جمادى الأول صعِد وسأل السلطان في أمر إرث المغاربة بدمشق، وتمنّى عليه أن يُنفق لفقرائهم، فأجابه إلى ذلك، ثم بادره بقوله: إنك لم تسألني شيئًا لنفسك قط، وإنما تسألني حوائج الناس! فاغتنم الفرصة وسأله أن ينزل عمّا بيده من الإقطاع بدمشق باسم أولاده، فأجابه، وكتب له منشورًا باسم أولاده: أمير حاج، وأحمد، وعبد الباسط (المؤلّف)، ومحمد أبو الفضل (أخو المؤلّف)، ويوسف، وإبراهيم، وعبد الرحمن، والكل في قيد الحياة في سنة ٨٦٩ هـ. ما عدا إبراهيم. ولما ساءت العلاقة بين والد المؤلّف والسلطان الظاهر هذا، أخرج الإقطاع عن أولاده، وتركهم بغير شيء، ثم قطع مرتّباتهم على الذخيرة ببيت المقدس (٢).

وفي هذه السنة ماتت زوجة أبيه "أصيل باي" خالة الملك العزيز يوسف بن بَرسْباي (٣).

في تِلِمْسان:

وغادر المؤلّف وَهْران إلى تِلِمْسان فدخلها في ٢٧ من شهر رمضان ٨٦٩ هـ. ونزل عند "عبد الرحمن بن النجار" صاحب الأشغال بها، وهو مدبّر المملكة لسلطانها محمد بن أبي ثابت. فأنِس به هو وولداه عبد الله (الأكبر)، وعبد الواحد (الأصغر)، وسأله أن ينشده شيئًا من نظمه في مدح صاحب تلمسان، فنظم قصيدة في نحو أربعين بيتًا، وكتب بها إليه، فلقيت صدًى طيباً عنده، فدعاه إليه، ورفع من محلّه وشكره عليها، وكتب له ظهيرًا بمسامحته في كل ما يتصرّف به من أنواع المتجر، ورتّب له مسكنًا ينزل فيه طوال وجوده في تلمسان، مع توفير الغذاء من لحم ودقيق وغيره من غلال، ثم سأله عن مواضع في القصيدة أُشكلت عليه، فأجابه عنها، وأخذا يتباحثان في ذلك، ثم أمر بنسخ القصيدة بخط أحد الكُتّاب الجيّدين، وأن يقرأها إنسان ذو صوت بين يديه يوم عيد الفِطر، بحضور قاصد صاحب تونس. وعندما تصوّف المؤلّف غسل هذه القصيدة في جملة ما غسله من


(١) الروض الباسم ٣/ ورقة ٩٤ ب.
(٢) الروض الباسم ٣/ ورقة ٩٥ ب.
(٣) المجمع المفنّن، ج ٢/ ٨٥، ٨٦، رقم (٧٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>