للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شِعره والكثير من أوراقه وتعاليقه التي ندم عليها فيما بعد، لِما كانت تحويه من فوائد كثيرة، ولم يعد يذكر من تلك القصيدة سوى هذين البيتين:

أعني المليكَ الذي شاعت مكارمُه … من آل زيّان أقيالٌ أماجيدُ

همُ الملوك وأبناء الملوك ومن … يقُلْ سوى ذاك فذاك القول مردودُ

وفي أول أيام عيد الفطر (شوال) أبلغه ابن النجار مدبّر تلمسان أنّ القصيدة قُرئت بحضرة السلطان صاحب تلمسان، وبحضور قاصد صاحب تونس، وسمعها الملأ العام ممن حضر في القصر عند السلطان، وأثنوا على قائلها، ووقعت لدى السلطان موقعاً طيّبًا، لا سيما أنّ فيها تعريضًا بصاحب تونس (١).

وممن شاهد في "تلمسان": "عبد الله بن عثمان السُّوَيدي" أمير عربان بني سُويد، ووصفه بأنه شيخ منوّر الشيبة، وقال: رأيت نجْعه فكان نجعًا هائلًا (٢).

وعزم المؤلّف عند عودته إلى تلمسان أن يتوجّه إلى فاس ويراها، فصادَف أنها كانت في ذلك الوقت تشهد فِتَنًا وخطوبًا، نتيجةَ ذبْح اليهود سلطانَها عبدَ الحق المَرينيّ، فعاد إلى وَهْران، بعد أن تسوّق من تلمسان شيئًا ليبيعه في الأندلس، إذ قرّر اجتياز برّ العدْوة إليها (٣). وزار الصخرة التي بساحل وهران في شهر المحرم سنة ٨٧٠ هـ (٤)، وهي التي يقال إنها المذكورة في قصّة الخضر عليه السلام في سورة الكهف، ومسجد الجدار على ظهرها (٥).

[في الأندلس]

وفي نصف المحرم سافر في البحر إلى بلاد الأندلس، في مركب كبير للجنويّين، مع جماعة من تجار الأندلس وتِلِمْسان ووَهْران، وبقيت زوجه أمّ ولده بمنزل الشيخ الإمام أبي عبد الله محمد المعروف بابن القصّار التلمساني خطيب جامع البيطار بوهران، فخَلَفه بأهله خَلْفًا جميلًا.

[في مالقة]

ويوم الجمعة ٢٣ محرم دخل مدينة مالقة (٦) من الأندلس، واجتمع بالشيخ أبي العباس أحمد التِلِمْساني شيخ الأندلس وقاضي الجماعة بغَرناطة (٧)، وعالم


(١) الروض الباسم ٣/ ورقة ٩٧ ب، ٩٨ أ.
(٢) الروض الباسم ٣/ ورقة ١٣٩ أ.
(٣) الروض الباسم ٣/ ورقة ١٠٩ أ.
(٤) الروض الباسم ٣/ ورقة ١٠٠ أ.
(٥) انظر سورة الكهف، الآية ٧٧.
(٦) مدينة على شاطئ البحر، عليها سور صخر، والبحر في قبليّها. من حولها شجر التين الطيّب العذب، يُحمل إلى مصر والشام والعراق، وربّما يصل إلى الهند (الروض المعطار ٥١٧).
(٧) جاء في المجمع المفنّن، ج ١/ ٦١٣، رقم (٥٩٧) أنه رآه بمالقة في سنة ٨٦٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>