وفيه- أعني هذا اليوم- أمر السلطان أيضاً أن يُدار على قضاة القضاة، ويُعلموا بأن يطلعوا في الغد لأجل عقد مجلس في أمر الجوامك وكثرتها. وكان ما سنذكره.
[الطلب من الشيخ القَرْمي بالتحوّل عن منزله بالقانبائية]
وفيه- أعني هذا اليوم- بعث جانِبَك من طَطَخ، الأميراخور الكبير، إلى شيخنا الشيخ نجم الدين القَرْمي يأمره بأن يتحوّل من المنزل الذي هو ساكن به بالمدرسة القانِبَائية، فإنه ليس له سُكناه، لأن الواقف لم يشرط ذلك في كتاب وقفه، فحصل على الشيخ من ذلك غاية النكد والتشويش، وأخذ يستفتي في ذلك، ثم أقام بيّنة شهدت بأن هذا المكان سكنه بعض المشايخ في زمن الواقف، وروجع جانبك في هذه القضية، وكلّمه الكثير من الأعيان والعلماء. وآل الأمر فيها إلى السكون بعد حركة زائدة.
[اِنعقاد مجلس السلطان بالقلعة]
وفيه، في يوم الخميس، سادس عشره، صعِد القضاة إلى القلعة وبعض العلماء أيضاً، وحضر أعيان الأمراء وأرباب الدولة ووجوه المملكة، وعُقد المجلس بحضور السلطان والأكابر جلوس، فأخذ السلطان نفسه في التكلّم معهم. وطال الكلام في هذا المجلس بحيث زاد عن الحدّ، فكان ما لخّصنا من ذلك بمعناه، وإن لم يكن بالألفاظ، أن السلطان ذكر أن الخانكة كانت في زمن المؤيَّد شيخ تصرف في كل شهر مبلغ أحد عشر ألف دينار، ومع ذلك فكانت الأستادّارية دائماً يُظهرون العجز والقصور إلى غاية ما يكون. ثم كانت في أيام الأشرف بَرْسْباي ثمانية عشر ألف دينار، بزيادة سبعة آلاف دينار عمّا كان في زمن المؤيّد، وزاد في زمنه عجز الأستادّارية زيادة ثانية إلى الغاية، ثم صارت في زمن الظاهر جقمق ثمانية وعشرين ألف دينار، بزيادة عدّة آلاف عمّا كانت عليه في زمن الأشرف، وسبعة عشر ألف دينار عمّا كانت عليه في زمن المؤيَّد. وكان الظاهر قد أقام زين الدين الأستادّار بعد عدّة من الأستادّارية تولّوا في أيامه، ثم فوّض إليه غالب أمور الديوان المفرد، يتصرّف فيه كيف شاء وأراد لكونه كان يساعد هذا ( … )(١) الكثير من المال في كل شهر. والان فالجامكية في الشهر ستة وأربعون