للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاحب فاس، الذي كان بمِكْناسة، وحشد على فاس لأخذها، ثم أخذها بأخرة، كما سنذكره، ورد الخبر بأنه بعث رسولاً إلى الشريف بكتابة إليه، يذكر له في أشياء، منها: إنك رجل شريف وعافية ومن الحضر، وهذا الأمر يحتاج من يقوم بأعبائه، ونحن أَوْلَى من الغير، لمكان حرصنا وملْكنا قبل ذلك، وتصرّفنا، لئلّا يطمع في هذا الملك الطامع بولايتك له، فتخرج عنك وعنّا، ولا تجد مثلنا في مراعاتك، ونحن نؤمّنك على نفسك وعلى ما أردت أن نؤمّنك عليه. ومهما أمرت به فعلناه لك، واسترح بنفسك من هذا الأمر، فإنّا أولو الأمر في الحقيقة. ولما بلغ السيد الشريف صاحبَ فاس ذلك أعاد إليه جواباً من جنس كتابه، بعد أن صدّر كتابه بقوله له إلى: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨]. وإن هذا الأمر قد آتانيه الله تعالى بغير حول منّي ولا قوّة، فلا أخلع من عنقي ما أرادني الله تعالى له، وشرّفني به زيادة على شرفي، ونحن ذرّية المختار عليه السلام، صاحب الأرض في البلاد، وأرباب السيف والقلم أصلًا وفصلاً، وأنت إن أطعت الله تعالى ووليّه، فلك عاقبة الخير والسلامة، ومهما قلته لنا إنك تفعله معنا، على تقدير ما تزعمه إنْ لو أجبناك، فنحن نفعله معك إنْ أجبتنا، ومثل هذا الكلام وأنظاره، وذكر له أنه لا فائدة في الشرّ، وإطفاءُ النائرة خيرٌ من إيقادها، وعصمةُ الأنفس والأموال واجبة، فلا تكن سبباً لإثارة الفِتن بعد سكونها، وتحريكها بعد ركونها، إلى غير ذلك من نحو هذا الكلام.

ثم لم يزل الأمر يتردّد بينهما، إلى أن وقعت بعد سفرنا من المغرب الخطوب المُدْلهمّة، والأمور المُغمَّة، واَل الأمر في ذلك بأخرة إلى تملّك مولاي الشيخ الوطّاسي، وإخراج السيد محمد، على ما سيأتي ذلك في محلّه من سنة خمس وسبعين [و] ثمانمائة (١) إن شاء الله تعالى.

(ولاية يشبُك من مهدي كشف سيوط) (٢)

وفيه، في يوم السبت سادس عشره، استقرّ يشبُك من مهدي الظاهري الخاصكي، وأحد الدوادارية الصغار، الذي صار بعد ذلك دوادارًا كبيرًا وأمير سلاح وغير ذلك، بل صار مدبّر المملكة استقرّ في كشف الوجه القِبلي بسؤاله في ذلك، وأُمّر عشرة في هذا اليوم (٣).


(١) لم يذكر المؤلّف -رحمه الله- ما وعد به، لانتهاء الكتاب بحوادث ٨٧٤ هـ.
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) خبر ولاية يشبك في: نيل الأمل ٦/ ٢٤٩، وبدائع الزهور ٢/ ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>