للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والطبع ينفرد عن دعاء غيرهم ممن بعدهم به، فإنهم الجديرون بهذه الدعاية، الخليقون لها، لإمامتهم العظمى المتَّفَق عليها، الشاهد بصحَّتها الحديث الشريف النبويّ، وأظنّ أنه لم ينازع غيرُ ذي الإثنين لبني العباس في هذه الدعاية فيما أعلم.

سلطان مصر والشام والحجاز وما والَى ذلك من الممالك في هذه السنة

السلطان الملك الظاهر، أبو سعيد، محمد جقمق. هكذا أمر أن يُكتب عنه في بعض الأماكن. وسبب ذلك أنه لما تسلطن سفى نفسه محمدًا، وأراد أن يُبطل اسم جقمق بالكفية، فقيل له في ذلك، وأُوهم بأنه متى فعل ذلك ظنّ الظانّ، ولا سيّما النائي، أنّ هذا المسمَّى بهذا الاسم ليس من الأتراك، وأنّ جقمق لم يتسلطن، فيطمع الطامع لعدم شوكة السلطان المسمَّى بهذا الاسم، وشهرة شوكة الأتراك، فتوقّف عن ذلك بعد أن كان قصده أن يدوم مُسمًّى بهذا الاسم، وأن تصدر المكاتبات عنه به، وأن ينقش على سكّة الدرهم والدينار، وأن يكون مثبتًا على جميع تعلّقات السلطنة من الطُرُز [و] الرُنُوك والداغات (١) وغير ذلك، ففتر عزمه بعد ذلك.

ذكر لي هذا من لفظه الوالد -رحمه الله- وذكر لي اسمَ الذي أوهمه ورجّعه عن ذلك، ولا حاجة لنا بذكره صريحًا، فإنه من الأقباط. إذ ربّما يظنّ الظانّ أنه مائل إلى دين آبائه الأوُل، فيكون ذلك كالأذى في حقّه، حيث كان سببًا على أنّ الظاهر لو فعل ذلك لمضى ونُسي، ولم يكن شيئًا مما اختُشي، ولا مما وهِم به ببركة مسمّاه عليه الصلاة والسلام. لكنّ الأمور بيد الله تعالى.

فجعل جقمق بعد ذلك اسمه بالقاهرة مركّبا من محمد وجقمق، وكتب ذلك بالقاهرة على بعض طُرُز الحوايط والرُنُوك بالقلعة وغيرها، وعلى أبواب بعض المساجد والجوامع والمدارس.

ثم رأيته على المِنبر الذي أنشأه الظاهر هذا محرّرًا له بمدرسة أستاذه الظاهر برقوق، وكذا على باب المدرسة التي أنشأها الجمال ابن (٢) كاتب جَكَم ناظر الخاص باسم الظاهر هذا التي هي بقرب الأبو بكريّة بالقرب من سوق الرقيق. ورأيته أيضًا بجامع زين الدين الأستادّار ببولاق، وبمحالّ أُخر.


(١) يُقصد بها الأختام.
(٢) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>