للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للصلاة بجامعها الأعظم الذي يقال له جامع الزيتونة. وقد جرت العادة هناك أن السلطان إذا قدم من سفر صلّى أول جمعة دخوله بهذا الجامع وترك حضور الصلاة بجامع قصبته دار سلطنته، وحضر الشيخ شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد البيدمري التريكي الماضية ترجمته، وكان إذ ذاك ناظر الجيش بتونس وبيده نظر هذا الجامع، فأمر بقمّ (١) المقصورة التي جرت العادة بصلاة السلطان بها، وبشغْلها بالحصر الجيّدة الجديدة، وأطلق بها مَجَامر العود، وأغلق بابَيها وشبابيكها، ثم أحضرت سجّادة السلطان وهي من سَعَف رفيع، محكَمة الصنعة، ففُرشت بمكان جلوسه للصلاة، ثم حضر هو بأُبّهة زائدة وبين يديه ولده، وليُّ عهده محمد المنصور باللَّه، وجماعةٌ أُخَر من إخوته، وبنوهم (٢)، والناس تسلّم عليه بالسلطنة أو الخلافة على زعمهم، وكلّما اجتاز بجماعة رفعوا صوتهم بقولهم: "سلام، نصرك اللَّه" لا يزيدون على ذلك. ونزل بالجامع المذكور، وشهد الصلاة به، ثم ركب عائدًا لقصبته، وكان يومًا مشهودًا.

[عيادة الظاهر خُشقدم للأتابك جرباش]

وفيه، في يوم السبت، عاشره، بالقاهرة نزل الظاهر خُشقَدم من القلعة إلى دار الأتابك جرِباش بقرب جامع أُلْماس، وسيدي خَلَف، نفع الله به، فعاده ولم ينزل عن فرسه، لأن الأتابك لما بلغه مجيئه إليه خرج إلى حوشه، وجلس على دكّة به، فدخل إليه السلطان فأقامه مماليكه وهو يقول: دعوه يستريح فأُجلِس، ودام السلطان بقرب دكّته على فرسه وهو يكالمه ويسأل عن حاله. ثم قدّم جرِباش له أشياء تقبّل اليسير من ذلك، وردّ الباقي وعاد إلى القلعة (٣).

(مقتل جانَم نائب الشام) (٤)

وفيه، في يوم الثلاثاء ثالث عشره ورد الخبر إلى القاهرة من جانِبك التاجي نائب حلب بأن الأخبار ترادفت عليه بأن جانَم الأشرفي نائب الشام قتل بمدينة الرُها، وأن سبب قتله مختلَف فيه، وأنه لم يحرّره، وإذا حرّره بعث به ثانيًا، فحصل عند السلطان وجماعة من الظاهرية بهذا الخبر ما لا عنه مزيد من السرور والفرح.


(١) قَمّ: بفتح القاف، أي تنظيف المكان من القمامة.
(٢) في الأصل: "وبنيهم".
(٣) خبر عيادة الظاهر في: نيل الأمل ٦/ ١٥٨، وبدائع الزهور ٢/ ٤٠٤.
(٤) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>