للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مدّة حتى عوفي من ذلك وحصل له البُرْء، فبعث الظاهر إليها بطلبها لأجل المال، وترادفت عليها الهموم من موت زوجها، ثم زوال مُلك ولدها، ثم موت زوج ابنتها يونس، ثم موت ابنة ابنها، ثم موت الابن المذكور، أعني محمدًا، ثم مرض ولدها الباقي، ثم طلبها للمصادرة، ولعلّ ذلك من نوادر المصائب التي حلّت بها، وقلّ أن يجتمع منها عند شخص واحد. ثم زيادة على ذلك كله أن ابنتها الخَوَنْد فاطمة زوجة يونس المذكور زُوّجت لكُسْباي أحد مماليك عدوّهم الظاهر خُشقدم على الرغم منهم، وما كفى ذلك حتى ماتت في أثناء ذلك قبل دخوله عليها وورثها.

[إخراج المؤيّد من السجن على عهد السلطان تمُربُغا]

ولم يزل المؤيَّد هذا في سجن ثغر الإسكندرية حتى مات الظاهر خُشقدم، وولي الظاهر يُلباي، ثم خلع وولي تمربُغا، فبرز أمره بإطلاقه من محبسه، والإذن له بسُكناه حيث شاء (من الثغر) (١) السكندري، وأن يركب لصلاة الجمعة فقط، وبعث إليه بخلعة تليق به، ومركوبٍ من خاص مراكيبه، مسرَجًا بالسَرْج الذهب ومُلجمًا، وعليه الكنبوش الزركش، ثم لما تسلطن صهره الأشرف قايتباي سلطان عصرنا الآن فإنه متزوّج بابنة خاله أخي (٢) والدته العلائي علي بن خليل بن حسن بن خاص بك، وهي الخَوَند فاطمة الخَوَنْد الكبرى في عصرنا هذا، زاد في إكرامه والاعتناء بشأنه، وبعث إليه بالإذن بركوبه إلى حيث شاء من داخل الثغر وخارجه صار يركب، بل ويسافر إلى الصيد إلى ظواهر الإسكندرية وضواحيها وما حولها من الأقاليم حيث شاء وأراد، وعُدّ ذلك من النوادر، ثم بعث إليه الأمير يشبُك من مهدي يخطب ابنة له منه لنفسه، فأجابه لذلك وأزوَجَها ليشبُك المذكور، وكان لها زفاف هائل (٣)، ولم تزل في عصمته إلى أن ماتت تحته وتركت له ولدًا، على ما سيأتي هذا كلّه في محالّه من تاريخنا هذا.

ودام المؤيَّد بالثغر على ما هو عليه إلى يومنا هذا في عَيش رغد بالنسبة لِما كان قبل ذلك وهو بالسجن، ثم أحضر إلى القاهرة بعد ذلك، وحين مَرَض والدته، فحضر موتها ومُواراتها، وعاوَدَ الثغْرَ المذكور، وهو مقيمٌ به في حُرمة وافرة، وكلمة نافذة، وعزّة ظاهر [ة]، يخاطب بمولانا السلطان إلى الآن، وعنده الحشم


(١) في الأصل مكرر ما بين القوسين.
(٢) في الأصل: "اخو".
(٣) في الأصل: "زفافًا هائلًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>