للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم يقرب له بشيء من العلم يقارب به والده، ولو أدنى شيء، فسبحان الرزاق المانح من شاء، بما شاء، كيف شاء، والمانع عمّن شاء، ما شاء، كما شاء، ولكنّه سمعٍ الحديث على أبيه وغيره. ولما مات والده شيخ الإسلام ورث عنه شيئًا جيّدًا وخصوصًا الكتب العلمية، وما أحسن التصرّف في معيشته، ولا اهتدى إلى كيفيّة أخذ نفقته، وباع الكثير من تعلُّقاته حتى أشرف على الفقر والفاقة، ولم يكن لديه فضيلة علمية، ولا عُرف بقابليّته، عارٍ من سائر الفنون نحوًا من ولده على الموجود الآن، وليس له فضيلة يُذكر بها بين الأنام، غير كونه ولد مثل هذا الإمام، فلعلّ فخره بنسبته إليه أعظم فخر وأجلّه. ودام على ذلك حتى تمرّض بحموةٍ حدثت له في جنْبه، وطال بها مرضه نحوًا من ثلاثة شهور بمنزله من بركة الرطْلي.

إلى أن توفي في يوم الأربعاء سادس عشرين جمادى الآخرة.

وأخرجت جنازته حافلة بجمعٍ جمّ من العلماء والطلبة، وتقدّم في الصلاة عليه قاضي القضاة الشرف المناوي، ودُفن بالصحراء بتربة جَوشن، وترك ولده نور الدين علي (١)، الموجود الآن.

(ترجمة الشمس البابا المعبّر) (٢)

٢٨٠ - محمد بن محمد بن سليمان الأوزاعي (٣)، الدمشقي، الصالحي، الطرابلسي.

المعبّر الحنفي، شيخنا، الشيخ الإمام، العالم، الفاضل، الكامل، شمس الدين، المعروف بالبابا.

ولد بصالحية دمشق في سنة خمس وستين وسبعمائة.

ونشأ بعَقَبة الأوزاع من دمشق أيضًا، وحفظ القرآن العظيم، وتعانى صناعة غسيل الثياب التي يُعرف من يعانيها بالبابا، مع اشتغاله بالعلم وأخْذه عن جماعة من علماء عصره ذلك، حتى تميّز في الفقه، وحُبّب إليه علم التعبير، فلازم فيه


(١) انظر عن (علي بن محمد بن أحمد بن علي بن حجر) في: الضوء اللامع ٥/ ٢٨٣ رقم ٩٦١ ولم يؤرّخ لوفاته، والكواكب السائرة ٢/ ١٨٧ (في ترجمة: عبد الوهاب العنابى).
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) انظر عن (الأوزاعي) في: الضوء اللامع ٩/ ٨٥ رقم ٢٤٠، ونيل الأمل ٦/ ٢١٩ رقم ٢٦٢٣، وبدائع الزهور ٢/ ٤٣١، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ٢/ ٤/ ١٤٢ - ١٤٤ رقم ١١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>