للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(تواتر الأخبار بواقعة سوار شاه والعساكر الشامية) (١)

وفيه- أعني هذا الشهر- تواترت الأخبار واستفيضت بالواقعة التي كانت من سوار وما جرى بينه وبين العساكر الشامية، وكسْرتهم الكسرة الشنيعة، وقتْلهم القتل الذريع، ونهب جميع ما معهم، وأسر نائب الشام، وقتل الكثير من الأمراء الكبار بتلك البلاد، منهم نائب طرابلس. وأن شاه سوار المذكور أخذ عدّة من البلاد والقلاع واستولى عليها، وأن يشبك البجاسي نائب حلب دخل إليها في أسوأ (٢) الأحوال وعلى أقبح الوجوه، إلى غير ذلك من الأخبار نحو هذا، وكلّما ترادفت هذه الأخبار زادت الشرور والفِتن أزْوَد بهذه البلاد، فما ظنّك بتلك، وزال الأمن وأخيفت السُبُل والطرقات، وأشيع بأنه لا مدبّر للمملكة، وأن السلطان كالآلة له اسم مجرّد عن المعنى، وأنه لا تصريف له ولا تدبير ولا يمكَّن من شيء، وكان الأمر كذلك لغلبة الغير على السلطان، فإنه كان في قبضة خيربك، وليته أتابكًا، أو بل من أكابر الأمراء ذوي الحنكات، ليقع رأيه بعض الموقع، بل كان دوادارًا ثانيًا فحسب، وفي كونه المدبّر للمملكة فساد كبير وطمع عظيم فيها، لا سيما وقد أشيع بأقطار المملكة أنّ حلّها وعقدها إليه، والأمور فيها منوطة به باجتهاده واختياره. وكان السلطان إذا سُئل في شيء أو عوتب على فعل شيء أو نحو ذلك يقول: "أيش كنت أنا؟ قل له"، يعني بذلك خيربك حتى صارت العوام تسمّى السلطان: "أيش كنت أنا، قل له". واضطربت بهذه المقتضيات أحوال المملكة وطمع فيها الطامع من سائر الجهات، واستشرف كل أحد، حتى خيربك نفسه على ما ستعرفه، وضعُف رأي السلطان جدًّا، وهو بعذرة في ذلك، لأنه لا شكوة له وهو محكوم عليه في قبضتهم -أعني الجُلبان- ولا ينفس له في أمرٍ من الأمور، وأيضًا قل: ولا قدرة له على ردع الأجلاب خصوصًا، والظاهرية الكبار بذلك راضون ساكتون.

وزادت شرور الجلبان على ما كانوا عليه قبل ذلك في أيام أستاذهم ودولته، وعظُم أمرهم، لا سيما ولم يبق من يحكم عليهم ويأخذ على يديهم خصوصًا وهم الذين أقاموا السلطان. ونال الناس من النكد ما لا مزيد عليه. وباللَّه المستعان (٣).

(ولاية أُزبك نيابة الشام) (٤)

وفيه، في يوم الإثنين، سادس عشرينه، استقر في نيابة الشام أُزبَك من طَطَخ


(١) العنوان من الهامش.
(٢) في الأصل: "اسواء".
(٣) خبر تواتر الأخبار في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٦٠، ٣٦١، ونيل الأمل ٦/ ٢٨٧، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٨١٠، وتاريخ الأزمنة ٣٥٩، وتاريخ الأمير حيدر الشهابي ٥٤٦.
(٤) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>