للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأشرف قايتباي سلطان العصر بزيادة عمّا كان، وشرع في بناء دار بالقاهرة بالقرب من المصبغة، وبينا هو في أثناء ذلك، وقبل تمامه غضب السلطان عليه لشيء قيل له عنه، فأخرجه مَنْفيّاً إلى طرابلس، ووُلّي التقدمة عِوضه خالص الآتي في محلّه أيضاً، فدام بطّالاً بطرابلس مدّة، ثم أعطي شيئاً من الجهات بسفارة الأتابك أُزبك. ثم لما توجّه الأتابك أُزْبَك إلى البلاد الشامية بعد كائنة باينْدُر التي قُتل فيها يشبُك من مهدي الدوادار، قدم عليه من طرابلس، وتشفّع به في أن يقيم بالقدس بطّالاً، فأحضره معه إلى القدس، ووعده أن يشفع فيه بدخوله القاهرة، وأمره أن يقيم بالقدس إلى أن يرد عليه ما يعتمده من ذلك، كل ذلك بغير إذْنٍ من السلطان. ولما بلغ السلطان ذلك أمر بنفيه من القدس إلى الكرَك، ثم عدل عن ذلك إلى إخراجه إلى مكة المشرّفة وقال: هو قصده الخير، بل مكة أفضل من القدس، فأُخرج إليها وهو مقيم بها الآن (١).

إنسان حشم، حسن السمت، من مشاهير الخدّام، له أدب ولا بأس به فيما أُخبرت عنه. وستأتي غالب هذه التنقّلات وبعضٌ من أخباره أيضاً كلّ في محلّه إن شاء الله تعالى.

[القصاص من عبدٍ وأَمَة قتلا امرأة بغير حق]

وفيه، في ليلة الخميس، تاسع عشريه، اتفق عبد وأَمَة سوداء على مولاتهما بطرابلس الغرب، وكان قد غاب الزوج لها عنها، فقتلاها وأخذا ما وجداه لها من حُليّ ونحوه، وخرجا من البلد بكرة النهار هاربين، فأُخذا في ظُهر يومهما ذلك وأُحضرا، ثم أُمر بهما فذُبحا قصاصاً، وتولّى ذبحهما رجل من اليهود على عادتهم في تلك البلاد، إذا وقع مثل ذلك يحضرون يهوديًا من أعراض اليهود كائناً من كان، فيؤمر بذبح من وجب عليه القصاص، وأن يُمضي ذلك اليهودي الحكم فيه، سواء كان قتلًا قصاصًا أو غيره أو قطعاً، وليس عندهم هذا الذي يقال له المشاعلي في هذه البلاد الذي هو مُعَدّ لمثل هذه الأمور، تحاشياً عن أن يتولّى الواحد منهم شيئاً من ذلك (٢).

[انتقال جماعة من أهل مُسْرَاتَة إلى مالطة لظلم قائد طرابلس]

وفيه، في يوم الخميس هذا بَلَغَنا أن طائفة من أهل مُسْراتَة نحو الخمسة عشر


(١) نيل الأمل ٧/ ٣٠١، بدائع الزهور ٣/ ١٩٠ (حوادث سنة ٨٨٦ هـ.).
(٢) هذا الخبر ينفرد به المؤلّف -رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>