للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بها. وحكم بها، وبلغ السلطان ذلك، فما أحبّه، وبلغه هو ذلك عن السلطان فخاف جدًّا، واختفى من يومه ذلك غاية الاختفاء، واحترز على نفسه، ودام في اختفائه إلى يومنا هذا، وله نحو الأربع سنين في الاختفاء، وبقي يُرجف بقتله، ثم يُرجَف بنفيه إن وُجد وخلّص من التلف، وأشيع عنه بأنه ابتُلي في جسده، واللَّه أعلم.

وأمّا ما له من الفضيلة على وجه الإنصاف، فقد سمع على التقيّ الشُمُنّي في "المغني" لابن هشام أو قرأ (١) عليه، ولم أحرّر ذلك، وحضر دروس التقيّ الحصني في أشياء، وربّما قرأ عليه وعلى شيخنا النجم القَرْمي، وعرف الميقات كما يعرفه آحاد العوامّ من رؤساء المؤذّنين، لا أعلم له فضيلة غير ذلك. نعم له قابلية وبعض ذكاء، ولو عرف نعمة الله تعالى عليه وراعاها وعمل بمبتغاها وراعى الناس، ووقف عند ما وصل إليه من المناصب، فلا أقلّ من التكلّف بأن يناسب أهلها في الصورة الظاهرة، لأمكن أن يحصل له بعض رياسة نفسانية، ولَنَال حظًا من الشُهرة بذكر خير، ولكن لا تبديل لخلق اللَّه. ولعلّ ما وقع لهذا المسكين لم يقع لأحد قبله، ولا ما وقع منه لم يكن اتفق من أحدٍ ممن قبله، بل ولا بعده، مع ما هو فيه من المكر والخداع.

وهذه ترجمته على سبيل الاختصار والاقتصار، ولم يبلغ في ذلك المعشار، ومن عرف حاله وباله صدَّقني في المقالة. وسنذكر نُبَذًا من تفاصيل مما هاهنا أجملنا من أحواله، كلّا (٢) في محلّه من سِنِيّ وقوعه ونزوله إن شاء اللَّه تعالى (٣).

(ذكر خروج هذه السنة وما فيها من الملاحم والفِتَن وغير ذلك) (٤)

وخرجت هذه السنة -أعني سنة اثنتين وسبعين المذكورة- وقد وقع فيها من الفِتَن ما ظهر منها وما بطن ما لا يكاد أن يُحدّ، ولا يُضبط بعدّ، فكادت أن تكون -بل لعفها كانت- سنة لا نظير لها في هذا القرن من كثرة الفِتَن والأنكاد والشرور الكائنة بها، والفساد وهلاك العباد وخراب البلاد، ووجود الحروب والملاحم بسائر


(١) في الأصل: "قراء".
(٢) في الأصل: "كل".
(٣) انظر عن (الكركي) في: الضوء اللامع ١/ ٥٩ - ٦٤، والمجمع المفنّن ١/ ١٨٤ - ١٩٤ رقم ٥٥، والنور السافر ١٠٨ - ١١٠، وكشف الظنون ١/ ١٥٥ و ٢/ ١٣٠٤، والطبقات السنية ٢٣٦، ٢٣٧ رقم ٤٨، وشذرات الذهب ٨/ ١٠٢ - ١٠٤، ومعجم المصنّفين للتونكي ٣/ ١٧٩ - ١٨٢، ومعجم المؤلفين ١/ ٤٦، ٩٥.٤٧/ Brockelmann ١١\B ٣،s،II وهو توفي سنة ٩٢٢ هـ.
(٤) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>