للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(القبض على جانِبَك)

وفيه في يوم الثلاثاء ثالث عشرينه، قبض السلطان على جانِبَك المحمودي المؤيدي، وهو يومئذٍ أحد الأمراء العشرات ورؤوس (١) النُوَب، وهو أخو جانِبك المحمودي الذي وُلّي إمرة سلاح فيما بعد في دولة خُشداشه الظاهر خُشقدم له بسببه، وسيأتي (٢) كلٌّ من ذلك في ترجمة كل ممن ذكرناه إن شاء الله تعالى.

ولما قُبض جانِبَك هذا سُجن بالبرج بالقلعة، وكان السبب في قبض جانِبك هذا كثرة مداخلة المذكور للسلطان في أكثر أموره وتهوّره (٣) وطيشه وخفّته مع قلّة دُربته وعدم سياسته وكثرة حدّته وسوء خُلُقه، وكثرة قاله وقيله وعدم مبالاته من أحد ورضاه عن نفسه. وكان قد ثقُل على الظاهر وهو متقحّم على القبض عليه، مُضْمِر له ذلك، ويتوقف عنده لكثرة المؤيّديّة خُشداشي المذكور وقيام شوكتهم، مع اعتقادهم أنهم لولاهم لما تمكّن الظاهر هذا من المُلْك، إلى غير ذلك مما يعتقدونه في أنفسهم من القيام بدعوة الظاهر، ولما أفحش جانِبك وخرج عن الحدّ بحيث علم خُشداشه أيضاً خروجه وفعله وقلّة حياه، وثب عليه السلطان فقبضه ولم ينتطح في ذلك عنزان، بل وعظُم الظاهر في أعين الجند وهابُوه، لا سيما المؤيّديّة حتى كانت هذه الفعلة سبباً لانفراده بكثير مما كان يُعارض فيه ولا يمكنه فِعله، وأتلف الكثير ممن كان يجترئ (٤) عليه ويُداخله في أموره، وأحجموا عنه. وحصل للسلطان بذلك الكثير من أغراضه التي كان يأملها ولا يتمكن أن يفعلها لمراعاة مداخلة هؤلاء له، وعظُم من يومئذٍ وكفّ كثير من المؤيديّة عن مداخلته (٥).

[تقرير خير بك الأشقر في إمرة جانِبَك]

وفيه قُرّر في إمرة جانِبَك هذا جنديّ (٦) من الدوادارية الصغار يقال له خيربك الأشقر المؤيَّدي من خُشداشي جانِبَك المذكور، ولم يك ترشّح للإمريّة قبل ذلك، بل ولعلّه لم يخطر ذلك بباله، وأراد السلطان بذلك إظهار عدله وأنه لم يُخرج عن المؤيّديّة شيئاً مما في أيديهم إلّا بموجب لا لغرض لأنه أعطاه لهم أيضاً.


(١) في الأصل: "روس".
(٢) في الأصل: "وستأتي".
(٣) في الأصل: "شهوره".
(٤) في الأصل: "يجتر".
(٥) خبر جانبك في: النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٥١، وحوادث الدهور ١/ ٦٠، ونزهة النفوس ٤/ ٢٤٠، ونيل الأمل ٥/ ١٥٢، ١٥٣، وبدائع الزهور ٢/ ٢٣٢.
(٦) في الأصل: "جندياً".

<<  <  ج: ص:  >  >>