للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكلّم فيه بكلام كثير، من جملة ما منه ما معناه، أنني لم أتولّ (١) هذا المنصب باختيارِ منّي، كما تعلمون ذلك، وإنّما أجبت إليه تسكينًا للشرور والفِتَن، واتفقنا على التسوية والعدل والإنصاف فيما ذات البين، وزوال الضغائن، وفساد ما بالقلوب، واجتماع الرأي والكلمة، وتعظيم بعضكم البعض، وإقامة ناموس مُلككم هذا، وأنا إن شئتم تركته لكم، فإنه يبلغني أشياء لا تحلّ ولا تجوز، فافعلوا ما شئتم، فإنكم لستم بصدد مصالح المسلمين، بل ولا مصالح أنفسكم، وإنما قصدكم التعنّت والثراء (٢) الذي لا طائل تحته، بل فيه سوء العاقبة وإثارة الفِتن والضغائن، وجُلّ غرضكم التلاعب بهذا المنصب الجليل، وصار ذلك دَيدَنًا لكم، وأنتم عارفون بمصارع الباغي، إلى غير ذلك من كلمات نحو هذه الكلمات، وأكثر من ذلك، وهو يبالغ فيه، مع تخشين الكلام في أثناء تحسين. ولقد أصاب في ذلك غاية الإصابة، بل وكان سببًا للمهابة.

ثم سكن الأمر على خير ولم يكن شيء (٣) مما أشيع ولا اشتهر.

ثم بلغني عنه بعد ذلك بأنه كلّم خُشداشيه بكلام أخافهم فيه، وقال لهم: إن الإنصاف أولى من الطمع الزائد الذي يؤدّي إلى زوال الكلّ، لا سيما وقد اقتحمكم العدوّ، وهو من أقلّ رعيان مملكتكم (٤). يشير بذلك إلى شاه سوار قبل الظهور التام ودهوم الأمر الكبير. ثم قال لهم: دعوا ما أنتم فيه وانظروا، فلا أقلّ ما يكون إلى مصالح أنفسكم، إن كان ما عليكم من مصالح الخلق والمسلمين. وأمّا أنا فسلطنتكم ولا سلطنتكم عندي على شريطة واحدة (٥).

[ولاية شادبك الجُلباني أتابكية دمشق]

وفيه -أعني هذا اليوم- استقرّ في أتابكية دمشق شادبَك الجُلُبّاني، ببذل ثمانية آلاف دينار، وذلك عِوضًا عن شرامُرد العثماني المؤيَّدي، وكان قد وُلّيها قبل ذلك، فقبض عليه وصُرف عنها، وقُرّر فيها شادبك هذا (٦).

(كذا ذكره بعضهم ( … ... … ) (٧) شادبك هذا قُرّر في الأتابكية عِوضًا عن قراجا بُغا ( … ... … ... (٨)) (٩).


(١) في الأصل: "لم اتولى".
(٢) في الأصل: "الثرى".
(٣) في الأصل: "شيئًا".
(٤) في الأصل: "ملكتكم".
(٥) الخبر باختصار في: نيل الأمل ٦/ ٣١٥.
(٦) خبر ولاية شادبك في: نيل الأمل ٦/ ٣١٥، وبدائع الزهور ٣/ ٨.
(٧) مقدار ثلاث كلمات ممسوحة.
(٨) مقدار خمس كلمات ممسوحة.
(٩) ما بين القوسين من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>