للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القضاة والعلماء وجماعة القرّاء إليه ويبتهلوا إلى اللَّه تعالى بالتضرّع إليه في أن يرحمهم بالإغاثة بزيادة البحر، وأولم السلطان هناك وليمة هائلة على يد الشرف الأنصاري ناظر الخاص. وكان بالمقياس وقت حافل هائل (١) وعاد الناس منه والبحر على حاله، فزاد قلق الناس وتكالبهم، وزادت الأسعار في الغلال ارتفاعًا، ولهج الكثير من الخلق بالخروج من القاهرة خوفًا من التورط قبل تمام أمر الغلاء، وأخذ الكثير منهم في الاجتهاد والتكالب على شراء (٢) الغلال، وعظم الازدحام على المراكب.

[الابتهال (٣) إلى اللَّه عند المقياس]

وفيه بعث السلطان العَلَم البُلقيني وهو مصروف عن القضاء يأمره بالتوجّه إلى المقيالس والابتهال إلى اللَّه تعالى فيه، وبلغ ذلك الشرف المناوي وهو على القضاء فعظُم ذلك عليه، ومع ذلك كله لم يزد البحر شيئًا.

[[خروج الأمر السلطاني للناس بالتوبة]]

وفيه، في يوم الإثنين سابعه، خرج الأمر السلطاني للقضاة والحكام أن يأمروا الناس بالتوبة والكف عن المعاصي والفساد ورح من يتجاهر بشيء من ذلك. وركب تمر الوالي وسار إلى بولادتى وعمل فيها البطيط وقبض على جماعة من المتقدّمين، وكان من جملة المتقدّمين بها من جملة الناس أحد ولدي الشمس القاياتي فاتفق أن قبض عليه من جملة المقبوض عليهم، وأركب حمارًا من جملة من أُركب للإشهار، فغطّى (٤) وجهه وهو على الحمار، وبلغ الناس ذلك فشقّ عليهم ولا سيما الفقهاء، وركب الأمين الأُقصُرائي رحمه اللَّه تعالى إلى القلعة لما بلغه ذلك ومعه جمع من الأعيان من طلبة العلم فدخل على السلطان وأعلمه بقضية ابن (٥) القاياتي وواجهه بأن ذلك الذي فعله تمُر مع الناس لا يجوز، فتأثّر من ذلك وقال: أنا الذي أمرته بذلك فنزل وهو عنه راضٍ، وتوجّه جماعة لتمُر المذكور وعرّفوه بمقام ولد القاياتي، فلم يلتفت إلى قولهم، بل قال: لأي شيء أهل العلم يمشون في مواضع التُهَم، ووقع بسبب ذلك أمور تطول، فلا حول ولا قوة إلّا باللَّه (٦).


(١) في الأصل: "وقتًا حافلًا هائلًا".
(٢) في الأصل: "شراي".
(٣) خبر الابتهال في: نيل الأمل ٦/ ١٤٦، ١٤٧.
(٤) في الأصل: "فغطا".
(٥) في الأصل: "بن".
(٦) خبر خروج أمر السلطان في: وجيز الكلام ٢/ ٧٤٦، ونيل الأمل ٦/ ١٤٥، وبدائع الزهور ٢/ ٣٩٤، ٣٩٥، والذيل التام ٢/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>