للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا تمساح وثب عليها من البحر حين انحنت على الجرة، فصادف أنْ أخذها من رأسها، بأن قصدها فاتحًا فكه وطبق على رقبتها، وبقي رأسها في فمّه، ثم جرّها إليه، وكان آخر العهد بها، فحصل عندي بذلك غاية الباعث والتألّم على تلك المرأة، وبلغ خبرها أهلَ البلد التي هي منها فتأسّفوا عليها لجودتها. وكان هذا التمساح قد عرف بهذا المحل، فانتدب إنسان يقال له "أبو عوكل" من أهل تلك الناحية كان معروفًا بصيد التماسيح فخرج إلى الساحل ولا زال إلى أن صاد ذلك التمساح بعينه على ما قالوه إنه هو الذي عُرف بالأذى في ذاك المكان. وخرج كثير من الناس لرؤية ذلك التمساح. ثم حمل إلى البلد فرأيته أنا أيضًا على صفة هائلة وعجبت من قدرة اللَّه تعالى، وبرد بعض ما كنت أجده من الألم على تلك المرأة في الجملة.

[[ربيع الآخر]]

[كتابة سرّ حلب ونظر جيشها]

وفيها في يوم الأحد، ثاني ربيع الآخر، بان بالرؤية، استقر في كتابة سرّ حلب ونظر جيشها محمود بن المؤيّد عوضًا عن ابن السفاح في كتابة السرّ، وعن ابن (١) الأرجوسي في نظر الجيش، وذلك بعد صرفهما. وبذل محمود هذا في ذلك مبلغًا جيدًا (٢) على ما يقال.

(نزول السلطان لتربته السلطانية) (٣)

وفيه، في يوم الإثنين تاسعه، نزل السلطان من القلعة بثياب الموكب وسار من على طريق الصحراء إلى جهة التربة التي أنشأها بها بالقرب من قبّة المنصو [ر] حتى وصل إليها ورآها. وخلع على البدر بن حسن بن الطولوي معلّم المعلّمين وكبير المهندسين وعلى آخرين معه. وكانت قد انتهت عمارة هذه التربة فأعجبته، وهي تربة أنيقة مشهورة بالصحراء. ثم توجّه السلطان من هناك إلى مطعم الطين فجلس به، وانتدب أمير شكار (٤) فصاد بين يديه شيئًا بالجوارح، وكان له وقتًا حفلًا. ثم ركب عائدًا إلى القلعة في موكب حافل جدًا وقصدها من جهة


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "مبلغ جيد".
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) شكار: بفتح الشين المعجَمة. لفظ فارسيّ معناه: الصيد، وأمير شَكار هو الأمير المسؤول عن الطيور والجوارح وأحواشها وكل ما يتصل بأدوات صيد السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>