للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم لما مرّ من الصليبة ووقع من هذا الأخرف ما وقع اجتاز بعد ذلك بالكبْش. وكان الأمير يونس الآقبائي الدوادار الكبير يسكن به بالدار التي تجاهه وهو مريض عِيل حظه، وزوجته أخت المؤيَّد هذا في الهمّ الكبير بسببه وبسب أخويها وقد جلست بمكانٍ يقرب منه الناس، وقعدت به لترى أخويها فساعة وقوع نظرها عليهما وهما في تلك الحالة بعد ذلك العزّ الرفيع، والجاه حولها من جواريها ومن النسوة من جماعتها ومعارفها، وكانت ساعة مهولة عظيمة، كُشفت فيها الرؤوس (١)، ولُطمت الخدود، وشُقّت الجيوب، وعظُم العويل والنحيب، وكان نعيًا عظيمًا، ووافق الناس هذه الضجّة والعويل فوافقوا النساء في البكاء والعويل والحزن وسيلان الدموع، ثم ساروا على تلك الهيئة حتى وصلوا إلى شاطئ النيل بساحل بولاق، فأنزلوا في مركب أُعدّت لهم. ثم انحدرت من وقتها على القدر إلى جهة رشيد، ووصل بعد ذلك إلى الثغر السكندري فسُجن به (٢).

(ترجمة المؤيَّد أحمد بن الأشرف إينال) (٣)

١٢٦ - وكانت مدّة سلطنة المؤيَّد أحمد هذا على مصر من يوم ولايته إلى يوم خلعه أربعة أشهر وأربعة أيام.

وكان سنّه يوم بويع بالسلطنة نيّفًا وثلاثين سنة، فإن مولده بغزّة حين كان والده نائبًا بها في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، ونشأ في حُجْر أبيه في غاية العزّ والرفاهية والسعادة والسؤدد، وتأمّر عشرة في دولة الظاهر جقمق على ما قدّمنا ذلك في محلّه في متجدّدات سنة (. . .) (٤) ولم يزل ضخمًا رئيسًا حتى وُلّي الأتابكية في يوم سلطنة أبيه على ما تقدّم. ثم وقع الكلام بسبب ذلك فأُخرجت عنه في ثاني يوم سلطنة أبيه، وقد أسلفنا ذلك وعدّيناه من النوادر، فدام في جملة مقدَّمي الألوف إلى أن ولي الأتابكية أيضًا فيما بعد ذلك بعد وفاة (٥) الأتابك تَنِبك البُردُبكي على ما مرّ أيضًا، وقصد والده بذلك أن لا ينازعه أحد بعده حين التسلطن، ولم يزل أتابكًا بل سلطانًا في الحقيقة ملكًا، فإنه كان هو المدبّر لمملكة أبيه لا سيما بعد وفاة الجمال ابن (٦) كاتب جَكَم، فإنه كان كالمزاحم له في التدبير


(١) في الأصل: "الروس".
(٢) خبر سجن المؤيَّد في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٢٤٩، ٢٥٠، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٨٠٤، ونيل الأمل ٦/ ١١٤، ١١٥، وبدائع الزهور ٢/ ٣٨٠، وتاريخ الأزمنة ٣٥٦.
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) كلمة ممسوحة.
(٥) في الأصل: "وفات".
(٦) في الأصل: "ابن".

<<  <  ج: ص:  >  >>