للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للناس. ثم بعد مدّة عاد الحال، لما كان عليه. ورجع السعر إلى الإرتفاع، ودام الغلاء عدّة سنين، وزاد ارتفاع السعر أيضًا، على ما سنذكر ذلك إن شاء اللَّه تعالى (١).

[[الإشاعة بقصد خيربك الوثوب على السلطنة]]

وفيه، في هذه الأيام، كثُرت الإشاعة بين الناس، بأن خيربك الدوادار في قصده الوثوب على الأمر، وأنه يروم ذلك لنفسه، لكثرة حزبه وأنصاره وخُشداشيه من مماليك أستاذه، ولكون القلعة في يده، وأن في ضميره الوثوب على السلطان وعلى الأتابك قايتباي، والقبض عليهما، وأنه في ترقّب طلوع قايتباي في ليالي الموكب، وأن الأمر في ذلك قديم بينه وبين الطائفة من جنس الجراكسة، الذين يقال لهم الأبازا، من الظاهرية الخُشقدمية، ووقع القال والقيل الكثير في مثل هذا وأشباهه، وأن طائفة الجراكسة أيضًا من الظاهرية الذين هم جنوس كَسباي الدوادار الثاني، وصهر السلطان مائلة إلى كَسْباي، وليس لهم قصد في موافقة خيربك على ما أضمره، وقويت هذه الإشاعة في أواخر هذا الشهر، بحيث لما بلغ ذلك الأتابك قايتباي امتنع من الطلوع إلى الخدم في غالب الأوقات، وأخذ حذره، ولم يطلع في وقت الجمعة ولا في ليالي المواكب، وصار يعتذر بأعذار، وتارة يتوجّه إلى رَبْع خيله، وتارة يتمارض، إلى غير ذلك من أشياء يتعلّل بها عن طلوعه. ويقال إنه أعلم السلطان بذلك، وأنه تواصى هو وإيّاه على عدم طلوعه، ووافقه على ذلك.

ويقال إنه كان يفهم عنه ذلك بالحَدَس، فلذلك كان لا يجبره على الطلوع، بل كان هو أيضًا يخشى على نفسه من هذه الإشاعة، ولكن لِما يبلغه ذلك، ويفهمه البعض عنه يأخذون في تسكين بابه والمسكّنون عنه ذلك كانوا ممن لهم غَرَض مع خيربك ومَيل إليه. وكان كَسْباي صهره يقوّي جأشه ويقول له: ما دمت موجوداً لا يمكن تحرّك طائفتنا الظاهرية ظنًّا منه بأن خير بك لا يجسُر على مخالفته هان كان في نفسه شيء (٢) وأنه لا يفعله بغير إذن كَسْباي هذا. ولم يزل هذا القيل والقال إلى أن كان من ذلك ما سنذكره (٣).


(١) خبر الغلاء في: نيل الأمل ٦/ ٣٠٥.
(٢) في الأصل: "شيئًا".
(٣) خبر الإشاعة في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٨٥، ونيل الأمل ٦/ ٣٠٥، وبدائع الزهور ٢/ ٤٧٢، ٤٧٣،.

<<  <  ج: ص:  >  >>