للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم لما طلع الوالد للسلطان على عادته في كل ثلاثاء، بدأه السلطان، بعد أن استقر به الجلوس عنده، وأخذ في إجراء ذِكلر منصور، وبثّ قضيّته له كالمشتكي منه. فقال: طلبناه لنهيب عليه، ولا غرض لنا عنده، ولا في ضميرنا أذاه، فقلّل حياءه (١) علينا بحضور الملأ العام، وكان من جملة ما قاله لنا: إنه أغضب اللَّه وأرضانا، فضربته بالمقارع تعزيرًا له على ما وقع منه من قلّة الأدب.

فوجد الوالد المندوحة حينئذٍ في التلطّف بقضيّته، فكلّمه كلامًا طويلًا في كظْم الغيظ، والعفو عند المقدرة، وأورد بعضًا (٢) من الآيات الشريفة القرآنية، وبعضَ أحاديث، من جملتها قوله عليه السلام: "الراحمون يرحمهم الرحمن" (٣) إلى غير ذلك، فما أثّر ذلك فيه، ولا عطّفه اللَّه تعالى عليه، بل صمّم على ما هو عليه من حنقه عليه، وغضّه منه، حتى آل أمره أن كُفّر بأشياء، من ذلك ما قاله للسلطان، وضربت عنقه صبرًا تحت الصالحية، بحكم الحسام بن حُرَيْز المالكي، زعمًا بأن ذلك بطريق شرعي، وعند اللَّه مجتمع الجميع.

[[ربيع الآخرة]]

[[الخلعة بالأستادارية وديوان المفرد]]

وفيها في يوم الخميس، مستهلّ ربيع الآخرة، خُلع على زين الدين بالأستادّارية، عِوضًا عن منصور الماضي خبره، وخُلع على موسى ابن (٤) كاتب عُرَيب القبطي بنظر ديوان المفرَد بعد أن كان السلطان عيّنهما لذلك قبل ذلك في الشهر الماضي، وألبسهما خلعتَيْ الرضا (٥)، لا رضي اللَّه عنهما (٦).


(١) في الأصل: "حياوه".
(٢) في الأصل: "واورد بعض".
(٣) حديث " الراحمون يرحمهم الرحمن " تكملته: " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ". رواه الترمذي في: البر والصلة، باب في رحمة الناس، رقم (١٩٢٥)، وأبو داود في الأدب، باب في الرحمة، رقم (٤٩٤١)، وقال الترمذي: حَسَن صحيح. وصحّحه الحاكم في المستدرك ٤/ ٢٤٨، وقال: هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه. وأحمد في المسند ٢/ ١٦٠، والسخاوي في المقاصد الحسنة ٤٨، ٤٩، والحُميدي في مُسنده ٢/ ٢٦٩ رقم ٥٩١، والبخاري في التاريخ الكبير ٩/ ٦٤، وهو في مشيخة قاضي القضاة ابن جماعة ١/ ٨٣، ومجمع الزوائد، للهيثمي ٨/ ٨٦، ١٨٧.
(٤) في الأصل: "بن".
(٥) في الأصل: "الرضى".
(٦) خبر الأستادّارية في: نيل الأمل ٦/ ٢٣٠ و ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>