للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بطش بنائب الحكم، وهو القاضي المذكور وضربه ضرباً مؤلماً بين يديه، وأمر بكشف رأسه من عنده إلى باب القلعة، وهو في تسليم والي الشرطة، وأمره بسجنه بالمقشرة سجن أهل الجرائم، وحصلت له محنة شديدة، ثم شفع فيه من الحبس.

وكان هذا القاضي من أهل العلم والوجاهة، له في نيابة الحكم مدّة سنين، وكان مظلوماً في هذه القضية على ما أُخبرتُ به فيما بعد ممن اطّلع على ذلك برمّته وعرفه في وقته، فاللَّه تعالى يأخذ حقّه ممن ظلمه.

ثم عزل السلطان الحافظ ابن (١) حجر لكون هذا نائباً عنه، ثم أعاده. فانظر إلى هذه الأحكام الصادرة عن الإمام ترى العجب، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، أين معاملة كل أحدٍ بما يليق به، وإقالة ذوي العثرات إذا عثروا، فضلاً عن أن يكون صدر عنهم الشيء الهافت.

ولما وقع ذلك وعاد الحافظ من يومه حصل له التغيّظ والحنق فالتزم أنه لا يستنيب إلا عشرة من النواب لا غير، ولا يصدّ من أخرجه عن نيابة الحكم إلّا من شافهه السلطان في ذلك بعد أن اعتذر الحافظ عند السلطان عن النائب المذكور. ثم حضر النائب أيضاً عن السلطان فرضي عليه وخلع عليه فرجيّة، وأذِن للحافظ أن يعيده إلى نيابة الحكم على عادته، فما هذا التلاعب والتناقض الذي يقضي لدهرك العجب منه، نعوذ باللَّه من شرور أنفُسنا (٢).

[[شهر جمادى الأول]]

(ولاية المحمدي نيابة قلعة دمشق) (٣)

وفيها، في يوم الإثنين ثاني جماد الأول - ووهِم من قال ثالثه - خلع السلطان على سُودون المحمدي، وكان أحد العشرات بالقاهرة، وقرّره في نيابة قلعة دمشق عِوَضاً عن جانِبَك الناصري الذي كان داودار بَرسْباي حاجب الحجّاب الناصري أيضاً، وولّي نيابة طرابلس، وكذا جانبك أيضاً ولي نيابة طرابلس فيما بعد.

وكان السلطان قد قرّر جانِبك هذا في نيابة قلعة دمشق بعد موت فارس الذي تقدّمت وفاته فيما أظنّ، ثم نقله إلى حجوبية الحجّاب بدمشق. ووُلّي سُودون نيابة


(١) في الأصل: "بن".
(٢) خبر ابن حجر في: إنباء الغمر ٤/ ٢٢٥، ٢٢٦، ونزهة النفوس ٤/ ٣٠٠، ٣٠١، والتبر المسبوك ٩٠، ٩١ (١/ ٢٠٥، ٢٥٦)، ونيل الأمل ٥/ ١٨٧، وبدائع الزهور ٢/ ٢٤٢.
(٣) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>