للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلغ شاه سِوار ومن معه من عساكر ابن (١) عثمان ذلك قهقروا، حتى انفصلوا عن هذه المملكة، ثم أقاموا بأطرافها، وقصْدهم المطالعة بالأخبار، والالتماس من السلطان أن يقرّر شاه سوار على مملكة أخيه. ولما تحقّق السلطان هذه الأخبار ضاقت عليه الأرض بما رحُبت، وضاقت عليه نفسُه، واضطربت حركاته وقَلِق، ثم أخذ في تعيين تجريدة للبلاد الحلبية، لنجدة شاه بُضاغ إنْ هجم عليه شاه سوار، وداس بلاده، فعيّن من الأمراء الألوف سبعة، وهم: الأتابك قانَم، وتمربُغا أمير مجلس، ويَلباي أميراخور كبير، وقانبك المحمودي أحد مقدَّمين (٢) الألوف، وبُردُبك هجين الظاهري، أحد الألوف أيضًا. وعيّن معهم من الطبْلخانات والعشرات عدّة وافرة. ثم بعد أيام بَطَلت هذه التجريدة لما ورد الخبر بأن أولئك تأخّروا وتأدّبوا مع السلطان، وما في قصدهم أن يفعلوا شيئًا، وإنّما كان قصدهم الالتماس من السلطان أن يولّي شاه سوار لا غير، وهذا أول ظهور شاه سوار (٣). ويا ليت لما جاءهم بعثوا بولايته وعزْل شاه بُضاغ، وكان يتوفّر عليهم ما وقع. وكان بعد ذلك من الفِتَن الكبيرة التي هي مشهورة، وستأتي في محالّها شيئًا فشيئًا من هذه السنة إلى سنة سبعٍ وسبعين إن شاء اللَّه تعالى.

[عودة المؤلّف من غَرناطة إلى مالقة]

وفيه، في أواخره عدتُ من غَرناطة إلى مالقة، وقد حصل لي بعض الشفاء مما كنت فيه من الجراحة، وعافاني اللَّه تعالى بعد أن أشرفت على الموت، وللَّه الحمد على المهلة.

[[شهر رجب]]

[عودة المؤلّف إلى وهران]

وفيها استهلّ رجب بالإثنين، ففيه في هذا اليوم ركبنا البحر عائدين إلى وهران، فدخلناها في رابع رجب هذا، وعزمت على السفر في البحر في المركب التي ركبنا بها، والتوجُّه فيها إلى جهة تونس. ثم رأيت آثار الضعف باقيةً بي، وأشار عليّ بعض خُفص أصحابي بالإقامة حتى تقوى البنية، وتشتدّ القوّة، فأقمنا بها على عادتنا.


(١) في الأصل: "بن".
(٢) الصواب: "أحد مقدّمي".
(٣) خبر الخلاف في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٢٩٣، ونيل الأمل ٦/ ٢٣٥، وبدائع الزهور ٢/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>