للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسماطه، ويوصف ببخل وشح. ومن يوم سلطنته أخذ أمره في الإدبار، لعجزه بغَلَبَة الغير وحَجْرهم عليه، وكان دبّر في الأخير تدبيراً حسنًا جيّداً، لكنه لم ينتج معه، ولا صعد له ذلك بسوء تدبير يشبك الفقيه وتقاعده وتكاسله، على ما تقدم ذلك وعرفتَه.

وكان حشماً، أدوباً، عاقلاً، معدَّل الدماغ، كثير السكون بأخرة، حسن السمت والملتقى، ساذجًا في أشياء، متواضعاً، لا مكر عنده ولا خداع، عفيفاً عن الأموال والفروج والمنكرات، وما قرأ (١) ولا كتب.

وكان في أيام سلطنته يُعلَّم له هيئة العلامة بالقلم الرفيع على المراسيم والمناشير وغيرها، ويكتب هو عائداً على ذلك يعلّم العلامة السلطانية، كما كان يفعل الأشرف إينال، وتظهر تصرّفاته التي باختياره في مدّة سلطنته، حتى تعلم حقيقة حاله في السلطنة. والذي يظهر لي أنه لو دام في المُلك واستبدّ به، لَمَا حصل منه ضرر زائد على أحدٍ من خلق اللَّه تعالى، ولعلّه كان ينال الناس منه الخير والسلامة، فإنه كان قليل الأذى والشرّ، ذا حنكة وتجربة. ورأى من عزّ السلطنة في أيام سلطنته عمل المولد النبويّ، وولّى عدّة ولايات معظّمة، وخُطب باسمه على منابر مكة، والمدينة، وبيت المقدس، ومصر، والشام.

ومات وسنّه نحو الثمانين أو جاوزها.

ووهِم من قال: سبعين.

[[كائنة غريبة بدمشق]]

وفيه (في ليلة الثلاثاء هذه، اتفق بدمشق كائنة غريبة ما سُمع بمثلها، وهي أن جماعة من الفلّاحين تسوّروا سور دمشق، ودخلوها ومعهم القسيّ والسهام والسيوف وكثير من الفؤوس (٢) وقصدوا باب السجن بباب البريد فكسروه ليلًا، والسجّانون يستغيثون فلا يغاثوا، وأخرجوا إنسانًا بالسجن يقال له شيخ زُرعَ (٣)، كان قد سُجن قبل ذلك، وأخذوه على حميّة وفرّوا به، وما انتطح في ذلك عَنْزان (٤).


(١) في الأصل: "قراء".
(٢) في الأصل: "الفوس".
(٣) زُرعَ: قاعدة من قواعد حوران. (تقويم البلدان ٢٥٩).
(٤) خبر الكائنة بدمشق ينفرد به المؤلّف -رحمه اللَّه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>