للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[تزايد الأسعار]]

وفيه، في يوم الأحد تاسعه، ووافق أول أمشير من شهور القبط، تزايدت الأسعار في الغلال. وبيد اللَّه الأمور.

(ذِكر ما يتعلّق بأوصاف غَرناطة) (١)

وفيه، في عاشره، خرجتُ من غرناطة إلى جهة الرَبَض بها، وهو المعروف برَبَض البيازين، فرأيناه ورأينا جامعه الأعظم، وهو غريب من أحسن الجوامع بناءً، به السواري الرخام الأبيض الأنيقة، واجتزنا في مرورنا بالمسجد، الذي بمنارته في مكان الهلال، هيئة دِيَكة، باسطة جناحيها (٢)، ويُعرف عندهم بفروج الرواح، أي الرياح. ورأيت من ذكر أنه وُضع طلْسَم لمنع الريح العظيمة ويُذكرون أنه لولاه لهبّت الرياح على غرناطة، وأضرّت بحالها، بل أهلكتها.

ثم عدنا ودخلنا إلى الحمراء لرؤيتها، وهي دار الإمارة، وقلعة السلطنة دار المُلك على مما قدّمنا ذلك، وهي غريبة الهيئة، محكمة البناء، أنيقة جدًّا، رائقة، على عِلّيةٍ بوجهين، أحد وجهيها مُطِلّ على مرج غرناطة، وهو مرج عظيم، يشقّه النهر الذي يقال له شنيل من عجائب الأنهار وأحسنها، به سَمَك غريب في جودته، يصفه الأطبّاء لأصحاب الحُمّيات، يقال له الرضراضي، وجهته هذه الحذاء الأخرى، مطلّ على جهة، وله جُدُر، والذي به أجِنّة غَرناطة وبساتينها بمنظر بهج رائقٍ نزهٍ من كِلا الجانبين. وهذه البلدة التي بُنيت عليها هذه الدار المعظمة، بلً الحصن الأعظم، ذ [و] الأبراج العجيبة. والسور الغريب، طرف جبل أحمر اللون بحضيضه من جهة المرج مكان يُستخرج منه تراب أحمر اللون جدًّا، يشبه في لونه الطين الأريني، (؟) يُعرف بالأندلس بتراب الأبحار المعدني، ومنه يُصنع الكيزان التي يُشرب بها الماء في تلك البلاد، وهي كيزان رفيعة، غاية في جودة الصناعة، مبرِّدة للماء بطبْعها، بل ولها منافع، فيقال إنها تنفع الإسهال الدموي شربًا، وهو كلام مقبول.

ثم رأينا بها من الأبنية الغريبة، والأوضاع العجيبة الأنيقة، والنماذج التي في صناعة الجبْس، يُعجز الآن عن شرحه ووصفه.

وبالجملة فإنّ غَرناطة هذه وحمراءها (٣) من أجلّ مدن الإسلام وأظرفها، لولا


(١) العنوان من الهامش.
(٢) في الأصل: "جناحيه".
(٣) في الأصل: "وحمرايها".

<<  <  ج: ص:  >  >>