للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في ذلك، فقال: بل الذي قرّرته عليه خارج عن ذلك، وتناوب الكلام بينهما في ذلك، فحنق السلطان منه وغضب، وأمر بنقله من دار يشبك إلى طبقة الزمام كما ذكرناه. ثم بعث السلطان إليه من كلّمه في ذلك وهو بالطبقة المذكورة، فصمّم أن ذلك من المائة وخمسين ألف دينار المقرّرة عليه، وأنه لا موجود له غير ما قرّر عليه، ولا قدرة له على غيره. فأمر بإحضاره بين يديه، وأمر به، فضُرب بيد بعض الخدّام، فلم يعجب السلطان ذلك الضرب، وحنق على الضارب وسبّه، ثم قام بنفسه وتناول السَوط، وضرب به الخادم لكونه لم يُجِد الضرب.

(ضرب السلطان ابن العَيني بيده) (١)

ثم أخذ السلطان في ضرب ابن العيني بيده وضربه ضربًا مبرحًا أشرف منه على الهلاك، وكان ضربه له نحو العشرين عصًا (٢)، لكن كل عصًا (٣) بعصيّ كبيرة في الألم، بحيث صارت كل ضربة تُدمي، حتى تلوّث بذلك الدم جماعةٌ من الحاضرين، وأعيب ذلك على السلطان، لكونه لفخامته وعُلوّ مقامه يتولّى مباشرة الضرب بيده. ولما رأى ابن (٤) العَيني عين الهلاك، لا سيما والسلطان بنفسه هو المباشر لضربه، ذكر ودائع له عند جماعة من أصحابه، وذكر أن له ببعض الحواصل مال أيضًا، فتتبّع ذلك جميعه على ما ذكره، فحصل من ذلك من أماكن متفرّقة نحو الستين ألف دينار، بل يزيد على ذلك، فحُملت للسلطان من وقتها، وهو أعني السلطان باق على المطالبة له بودائع أُخر.

ثم أصبح في يوم الأحد فبعث السلطان إلى ابن العَيني من يخوّفه بأنه يطلبه، فذكر أن له عند دواداره محمد الطرابلسي تسعة آلاف دينار، فحُملت من وقتها للسلطان، ولسان حاله يقول: "هل من مزيد"؟ بل وزاد خرجه على الزيادة. وخُوّف ابن (٥) العَيني أيضًا بالوهم، وقول بعض الخواصّ له: السلطان يطلبك لتعذّرك أيضًا على المال، فاعترف في يوم الإثنين خامس الشهر بأن له عند محمد الطرابلسي خمسين (٦) ألف دينار. فحُملت أيضًا في الحال. ثم كان بعد ذلك لابن العَيني هذا ما سنذكره (٧).


(١) العنوان من الهامش.
(٢) في الأصل: "عصى".
(٣) في الأصل: "عصى".
(٤) في الأصل: "بن".
(٥) في الأصل: "بن".
(٦) في الأصل: "خمسون".
(٧) خبر الضرب في: نيل الأمل ٦/ ٣١٨، وبدائع الزهور ٣/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>