للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملقّب بالمتوكل على الله، الماضي خبر تملّكه تلمسان من أحمد المذكور. وكان من خبر ذلك أن أحمد بن أبى حمّو هذا لما سُيّر إلى الأندلس على ما تقدّم استأذن صاحبها السلطان المستعين باللَّه سعد بن أحمد صاحب غَرناطة وملك الأندلس أن يتوجّه إلى تلمسان بنجدة من عنده ليملكها من محمد بن أبى ثابت قريبه فإنه اعتدى عليه وأخذها منه عدوانًا وظلمًا وأخرجه منها، فأجابه المستعين إلى ذلك، وعيّن معه جمعًا موفورًا من رُماة الأندلس ومقاتليها، فعدّى من الأندلس إلى هُنَيّ بلدة من أعمال تلمِسان، هي من المين لتلمسان المذكورة، وانضمّ إليها جماعة من العربان بهذا البلد (١) وكان جمعه موفورًا، ثم قصد تلمسان وبها محمد المتوكل على الله المذكور، فنزل عليها وأخذ في حصارها، وقد تأهّب المتوكل المذكور لقتاله، وظهرت عليه أماير الخذلان، بل وعمل على الخروج من تلمسان، وأخذ في أثناء ذلك في حيلةٍ عساها تصعد معه ولا فر هاربًا، وكان من أمر حيلته أنه دسّ إلى بعض حظايا عمّ أبى والده أحمد المعتصم المذكور سُمًّا يأمرها أن تعطيه لأحمد المذكور، ووعدها ومنّاها إنْ قتله على ما يقال. وبات أحمد في تلك الليلة على أن يصبح فيدخل تلمسان، فما أصبح الصبح إلّا وقد شاع خبر موته بعسكره، ووصل ذلك لتلمسان وأنه مات فجأة، وإلّا ظهر أنه مات مسمومًا بالقرائن دلّت على ذلك، وكان شيخًا مُسِنًّا، فظَنّ به الموت فجأة، وانفلّ جَمْعه، وبعث قريبه محمد من جهّزه وصلّى عليه، ودُفن بالمكان الذي يقال له العبّاد، عند مشهد الوليّ القطب الغوث سيدي أبو (٢) مَدْين، نفعنا الله تعالى ببركاته، وقد شاهدت قبره، فإنني ذهبت بعد ذلك إلى تلمسان وكان عقيب موته بمدّة ليست بالطويلة في سنة ثمان وستين على ما سأذكر ذلك. وتمام خبر محمد هذا وما جرى له وعليه بعد ذلك، ووفاته أيضًا بمثل نحو هذه الكائنة إن شاء الله تعالى (٣).

(ذِكر الوحشة بين السلطانين) (٤)

وفيها أيضًا وقعت الوحشة بين السلطان المستعين باللَّه سعد ملك الأندلس وصاحب غَرناطة، وبين صاحب تلمسان أيضًا، لكونه بعث أحمد الماضي ذكره إليه وأمدّه بالرجال، ثم اَل الأمر بينهما إلى المصالحة والصفاء (٥).


(١) في الأصل: "البد".
(٢) هكذا، والصواب: "أبى".
(٣) خبر ابن أبى حمّو في: الضوء اللامع ١/ ٢٩٢، ووجيز الكلام ٢/ ٧٤٣ رقم ١٧٠٦، ونيل الأمل ٦/ ١٢٨، وبدائع الزهور ٢/ ٣٨٨.
(٤) العنوان من الهامش.
(٥) خبر الوحشة في: نيل الأمل ٦/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>