للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ذو الحجّة]

وفيها كان استهلال ذي الحجّة بالثلاثاء بتمام العدد لعدم الرؤية، ثم ظهر أنه ثانية.

[كائنة قتْل جانبك نائب جدّة]

وفيه- أعني في ذي الحجة في يوم الثلاثاء المذكور- كان قتْل جانِبك نائب جدّة الدوادار، وكان من خبر ذلك أن السلطان بلغه ممن يثق به أن جانبك هذا في قصده وعزْمه الثوران به هو وجماعة من خُشداشيه وغيرهم ممن انتمى (١) له من أصحابه، وأنه في ليلة الوليمة قد تم اتفاقه وإيّاهم، وزاد الكلام في تفاصيل ذلك، وذكروا كيفية ما قيل عنهم إنهم يفعلونه بالظاهر خُشقدم وكيف شور على الأمر، وأشيع ذلك عنه إشاعة فاشية، وكان الظاهر من حركاته ليس من هذه الأيام فقط، بل من يوم سلطنة خُشقدم هذا، فإنه وطّأ (٢) بها لسلطنته لنفسه، ولا زال إلى أن ظهر ذلك في هذه الأيام خصوصاً من يوم عمل الوليمة، ولعلّها كانت وسيلة لذلك، بل كانت كذلك.

فيقال إنهم اتفقوا على ذلك بأن يكون يوم الأربعاء ثاني أو ثالث ذي الحجة، ويصبح في يوم الخميس سلطاناً. فرتّب الظاهر خُشقدم بعض مماليكه في ليلة الثلاثاء واتفق معهم على قتله في يوم الثلاثاء إذا طلع إلى القلعة وقتل تَنَم رصاص معه فإنه كان أكبر القائمين معه والرأس في ذلك. ولما طلع جانبك في هذا اليوم على عادته في الطلوع للقلعة للخدمة بغير مباشرة للخدمة، وكان معه خمسة أنفار من جماعة منهم جانَم الذي وُلّي حماة فيما بعد الآتي في محلّه من سنة ثمان وثمانين، وكان إذ ذاك دواداره، وصل في طلوعه للقلعة لباب القلّة في الغلس قبل أن تترامى الوجوه، فوجد مقدّم المماليك وهو جالس بباب القلّة، فسلّم عليه على العادة ثم مشى حتى تجاوز العتبة الأخرى من باب القلّة، والتفت عن يمينه لجهة الجهة الموصلة إلى القصر، فوجد به جماعة من المماليك الجُلبان وهم وقوف، فظن أن وقوفهم لأجل أخْذ الأُضحية، فسلّم عليهم، ثم تجاوزهم في مَشْيه، وعطف إلى جهة يساره، والتفت إلى العتبة الكائنة تجاه باب الجامع الناصري، وإذا به جماعة من الجُلبان وهم وقوف على درَجه، فسلّم عليهم، وقبل أن يستتمّ سلاحه ابتدروه، فوصلوا إليه دفعة واحدة، وأحدقوا به وهم بالسيوف، وتناولوه بها


(١) في الأصل: "انتما".
(٢) في الأصل: "وطاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>