للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الدواء، ومنها أفيون، وزن قيراط أو نحو ذلك. فبدر بأن جمع تلك الأدوية من غير أن يُعلِم أخاه بذلك، إلّا في وقت الحاجة، بعد أن يهيّئه له، ورأى برأيه أنّ القيراط من الأفيون قليل، فجعل منه زيادة على الدرهم، ولم يدر بحال الأفيون وما فيه من السُّمِّيّة، وحدّثَتْه نفسُه أن هذا المقدار يسير يفعل التقوية، فما بال الكثير! فهيّأ منه معجونًا لأخيه، ثم أحضره إليه وقال له وقت فراغه من الزفاف: كُل من هذا قبل الجِماع، فإنه مُتمنّاك الذي تمنّيته، وقد عملتُه لك وهو جيّد. فلما خلا (١) الزوج بالزوج بادر إلى استعمال المعجون، فحين حصل في جوفه حصل عنه الأذى البالغ في حقّه، وتغيّرت أحوال هذا المسكين، وآل به الأمر أن مات في القليل من الزمن، ولم يُسمع منه إلّا قوله: أخي أطعمني معجون (٢) قُتل به. وبلغ الأخ ذلك وخبر موته، فاختفى، فاستفتى جماعة في هذه المسألة (٣)، فأفتوا بأنه يُقتل به، إلّا شيخنا أبو عبد اللَّه محمد بن البكّوش، فإنه أفتى بالتفصيل، بأنه إن قال الميت: ناوِلني أخي السمّ فقُتل به، أو معجونًا مسمومًا، أو نحو ذلك، فما يدلّ بأن المتناوَل مما يقتل، وإن كان لم يقل ذلك، بل قال: معجونًا فقط، فلا يُقبل به. ورجع جميع من أفتى إلى شيخنا. ثم آل الأمر أنْ ظهر الأخ وما لزِمه شيء، وفرط الفارط في الميت وذهبت روحه، ولله الأمر.

[[شهر رمضان]]

(كائنة أخْذ قلعة كركر) (٤)

وفيها استهلّ شهر رمضان بالإثنين، وطلع القضاة ومن له عادة بتهنئة السلطان للقلعة فهنّأوه (٥) بالشهر.

وبينا هو في أثناء ذلك إذ ورد عليه الخبر بأن الأكراد بكركر احتالوا على نائب القلعة بها، وهو جَكَم، فقتلوه غدرًا غِيلةً، وملكوا القلعة، فحصل عند السلطان ما لا خير فيه بهذا الخبر، وتأثّر منه. ثم كان ما سنذكره من أمر كركر (٦).

[طلوع والد المؤلّف إلى السلطان]

وفيه، في يوم الثلاثاء، ثانيه، طلع الوالد إلى السلطان على عادته في ذلك،


(١) في الأصل: "خلى".
(٢) الصواب: "معجونًا".
(٣) في الأصل: "المسلة".
(٤) العنوان من الهامش.
(٥) في الأصل: "فهنوه".
(٦) خبر قلعة كركر في: نيل الأمل ٦/ ١٩٠، وبدائع الزهور ٢/ ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>