للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه، في يوم الأربعاء رابعه قدم إلى القاهرة بغير إذنٍ من السلطان تمراز الأشرفي الدوادار الثاني كان الماضي ذِكر نُبَذ (١) من أخباره في محالّها، وكان من الأمراء بطرابلس، فخرج منها قاصداً القاهرة فدخلها من غير أن يجتاز بقطْيا (٢)، بل عرّج عنها، ونزل حين حضوره بدار الأتابك خُشقدم لائذًا به مستشفعًا، فبعث الأتابك المذكور دواداره إلى السلطان يُعلمه بمجيئه، فساعة سمع السلطان ذلك غضب غضِبًا شديدًا واستشاط وقامت قيامته لكونه حضر على هذا الوجه من غير إذن ولا اجتياز بقطْيا، واستراب من ذلك وزادت أفكاره، وظفر به وأمر في الحال بإخراجه من حيث جاء وإلى حيث جاء، فلم يمكن تمراز المذكور من ذلك، وأخذ في أسباب التهيّؤ (٣) لرجوعه وخروجه إلى الخانقاه السِرياقوسية، ولما طلع الأمراء في آخر هذا النهار للقصر للخدمة والمبيت به لأجل الموكب في غده، قام جماعه منهم فوقفوا بين يدي السلطان متعاهدين، فشفعوا في تمراز المذكور، فقبل شفاعتهم فيه على أن يقيم بمصر ثلاثة أيام لعمل مصالحه وتقاضي أشغاله، ثم يسافر، فبعث إليه في الحال للخانقاه بذلك، فعاد إلى القاهرة وأقام بها، ولهج الناس في هذه الأيام بوقوع فتنة، وترقّبوا ذلك، وأن سيكون هرجة لكون تمراز هذا مشهور وممّن له جرأة وجسارة وإقدام على ذلك، ومعروف بإثارة الفِتَن (٤). ودام تمراز هذا بالقاهرة إلى أن كان ما سنذكره.

[دعوة السلطان والد المؤلّف الحضور إلى القاهرة]

وفيه، في يوم الخميس خامسه ورد على الوالد بدمشق مرسوم سلطاني من المؤيَّد أحمد بحضوره إلى القاهرة، فسُرّ بذلك وأخذ بأسباب التهيّؤ (٥) لذلك، وكان له ما سنذكره.

[[قبول السلطان اعتذار تمراز]]

وفيه، في يوم الجمعة سادسه حضر تمراز بين يدي السلطان وقبّل له الأرض وأخذ في الاعتذار عن مجيئه بغير إذن وفعل ما تصل إليه قدرته، فقبِل السلطان


(١) في الأصل: "نبذًا".
(٢) قطْيا: هي مَزمّ الدرب لا يمكن التوصل إلى الديار المصريّة إلّا منها. (زبدة كشف الممالك، بتحقيقنا ٩٦).
(٣) في الأصل: "التهي".
(٤) خبر غضب السلطان في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٢٢٦، ٢٢٧، ونيل الأمل ٦/ ١٠٦، ١٠٧، وبدائع الزهور ٢/ ٣٧٤.
(٥) في الأصل: "التهي".

<<  <  ج: ص:  >  >>